سمحت مصر أمس بدخول الوقود الى قطاع غزة لتشغيل محطة توليد الكهرباء، في إشارة قوية الى تحسن العلاقات بين مصر وحركة «حماس» التي تحكم القطاع. وجاء هذا التطور بعد تفاهمات ثلاثية بين مصر و «حماس» والنائب المفصول من حركة «فتح» محمد دحلان الذي يخوض صراعاً سياسياً مريراً مع الرئيس محمود عباس. وأثار دخول الوقود المصري الى غزة، والأنباء عن تسهيل الحركة على معبر رفح بين غزة ومصر، وعودة مجموعة دحلان للعمل في القطاع، قلقاً في رام الله من أن يؤدي ذلك الى تعزيز انفصال القطاع عن بقية الأراضي الفلسطينية. وقال مسؤول فلسطيني رفيع ل «الحياة»: «ما يجري هو تزويد الانقسام مزيداً من الأوكسجين للاستمرار». وفتحت السلطات المصرية معبر رفح المغلق منذ فترة طويلة، من أجل دخول الوقود. وقال مدير الإعلام في المعبر وائل أبو عمر إن الجانب المصري فتح بوابة المعبر لدخول مليون ليتر من الوقود تحملها شاحنات مصرية، مشيراً الى أن 11 شاحنة محملة بالوقود دخلت، وأن من المتوقع أن تصل لاحقاً 7 شاحنات أخرى. وأكد سلطة الطاقة في غزة ل «الحياة» أن تشغيل محطة التوليد سيجري خلال أقل من 24 ساعة من وصول الوقود. وأفاد مدير قوى الأمن الداخلي اللواء توفيق أبو نعيم خلال مؤتمر عقده في معبر رفح: «نتمنى أن يكون هذا الدعم من الوقود مستمراً لقطاع غزة من جمهورية مصر العربية التي احتضنت القضية الفلسطينية». وأضاف: «مصر عودتنا دائماً الوقوف إلى جانبنا، ونشكرها على هذا الموقف، وسنكون معها دوماً ما كانت معنا». ولفت عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» خليل الحية الى وجود «تجاوب عالي المستوى من مصر لإمكان تخفيف أزمات قطاع غزة»، مؤكداً أن علاقة الحركة مع القاهرة «ذاهبة نحو التطور والاستقرار». وبدأت السلطات الإسرائيلية بتقليص الكهرباء الى غزة منذ أول من أمس، وذلك بعد أن قلصت السلطة المبالغ التي كانت تدفعها الى شركة الكهرباء الإسرائيلية. وكانت القيادة الفلسطينية أعربت عن عدم ارتياحها من التدخل المصري في الشؤون الفلسطينية. وجاء في بيان أصدرته اللجنة المركزية لحركة «فتح» في ختام اجتماع لها قبل أيام: «ترفض اللجنة المركزية بعض التحركات المشبوهة، ومحاولات فرض الوصاية على قضيتنا، والمس بالمحرمات الوطنية، وعلى رأسها استقلالية إرادتنا وقرارنا، وحقنا في صياغة النظام السياسي من خلال عملية ديموقراطية، واحترام سياجنا الوطني وبوابته الشرعية منظمة التحرير الفلسطينية». وجاء هذا البيان، وهو الأول من نوعه، عقب التفاهمات التي جرى التوصل اليها في القاهره قبل أيام بين «حماس» وكل من مصر ودحلان. وقال مسؤولون فلسطينيون ل «الحياة» إن هذه التفاهمات تؤدي الى تعزيز الانقسام وتعزيز انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية. ونصت التفاهمات بين مصر و «حماس» على قيام الحركة بحماية الحدود بين غزة ومصر، وعدم السماح للجماعات السلفية بعبور الحدود. وتعهدت مصر تسهيل الحركة على معبر رفح بعد الانتهاء من أعمال الترميم الجارية، كما تعهدت بيع الوقود لسلطة «حماس» في غزة من أجل حل مشكلة الكهرباء في القطاع. ونصت التفاهمات بين «حماس» ودحلان على عودة قادة تياره الى القطاع، وعلى قيامه بجهود من أجل حل مشكلة الكهرباء والمعبر وتوفير أموال لعائلات ضحايا الانقسام وغيرها. في هذه الاثناء، أكد مركز حماية لحقوق الإنسان امس أن محكمة الأمور المستعجلة في غزة أصدرت قراراً يقضي بإلزام محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة تشغيلها، في أعقاب امتناع إدارة المحطة عن تشغيلها بناءً على تعليمات من السلطة الفلسطينية في رام الله. وأوضح المركز، الذي رفع القضية، أن خدمة الكهرباء تمس حياة المواطنين اليومية ومظاهر الحياة الإنسانية المختلفة، خصوصاً خدمات الصحة والبيئة. وكانت مصادر فلسطينية ذكرت ان محطة توليد الكهرباء الرئيسة في غزة ترفض تشغيل مولداتها بالوقود المصري الذي وصل صباح امس عبر معبر رفح. وأضافت أن الأمن الخاص بالمحطة منع إدخال الشاحنات المصرية إلى المحطة قبل تدخلات لإقناعه بالعدول عن موقفه.