استقبال زوّار المملكة بمعايدات العيد في مطارات الرياض وجدة والدمام        الهلال يطرح تذاكر "ديربي الرياض" أمام النصر    الشباب ينهي تحضيراته لمواجهة الاتحاد    القبض على (6) يمنيين لتهريبهم (83) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    أقصى الضغوط... ما قبل «التطبيع الشامل»    محامي مارين لوبان: سنستأنف حكم إدانتها بالاختلاس    انخفاض معدل التضخم في ألمانيا إلى 2.2% خلال الشهر الحالي    "البيئة" ترصد هطول أمطار في (8) مناطق بالمملكة    أكثر من 122 مليون قاصد للحرمين الشريفين في شهر رمضان    الحقيل: توجيهات ولي العهد في القطاع العقاري تعزز توازن السوق وتحفز الاقتصاد    نائب أمير منطقة مكة يستقبل الذين قدموا التهنئة بمناسبة عيد الفطر المبارك.    "أمانة الطائف" تنهي استعداداتها لعيد الفطر المبارك    جمعية مراكز الاحياء ممثلة في مركز حي قروى يقدم هدايا العيد    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    جمع مهيب في صلاة عيد الفطر في مسجد قباء بالمدينة المنورة    إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة بيشة تُنهي استعداداتها .    مختص ل «الرياض»: 7% يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي خلال الأعياد    أنشيلوتي: مبابي مثل رونالدو    أمطار رعدية مصحوبة بزخات من البرد على معظم مناطق المملكة    ما أصل "العيديّة"، وكيف تغيّر اسمها عبر العصور؟    وسائل إعلام: ترامب يعتزم زيارة السعودية في منتصف مايو    ترامب: لا أمزح بشأن سعيي لفترة رئاسية ثالثة    أمير منطقة تبوك يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    أسعار النفط تتراجع وتتجه نحو أول خسارة فصلية منذ فصلين    فعاليات عيد الطائف تجذب 200 ألف زائر    المعالم الأثرية بالأحساء تجذب الأهالي والمقيمين في عيد الفطر    بطابع الموروث والتقاليد.. أهالي حائل يحتفون بالعيد    فعالية تراثية في نجران احتفاء بعيد الفطر    إطلالة على اليوم العالمي للمسرح    قائد الجيش السوداني: لا سلام مع «الدعم السريع» إلا بإلقاء السلاح    فيصل بن مشعل يرعى حفل أهالي القصيم بعيد الفطر المبارك    خالد بن سلمان يستقبل قادة وزارة الدفاع وكبار مسؤوليها    المملكة ترحب بتشكيل الحكومة السورية    ولي العهد يؤدي صلاة العيد في المسجد الحرام.. ويبحث المستجدات مع سلام    خادم الحرمين: أدام الله على بلادنا أمنها واستقرارها وازدهارها    إنجاز إيماني فريد    رابطة الأندية المصرية تلغي عقوبة خصم 3 نقاط من الأهلي بعد انسحابه أمام الزمالك    الأمانة والدواء البديل.. رأي أم مخالفة؟!    جولة مسرحية لتعزيز الحراك الثقافي بالمملكة    «الإذاعة والتلفزيون» تميزت في محتوى رمضان    نتج عنه وفاتها.. الأمن العام يباشر حادثة اعتداء مقيم على زوجته في مكة    عيد الدرب.. مبادرات للفرح وورود وزيارات للمرضىع    بين الجبال الشامخة.. أبطال الحد الجنوبي يعايدون المملكة    ولي العهد ورئيس الوزراء اللبناني يبحثان العلاقات الثنائية    خادم الحرمين: أهنئكم بعيد الفطر بعد صيام شهر رمضان وقيامه    توقعات بهطول أمطار غزيرة على 7 مناطق    ارتفاع حصيلة قتلى زلزال ميانمار إلى أكثر من 1000    ثنائية مبابي تهدي ريال مدريد الفوز على ليجانيس    كاميرات المراقبة تفضح اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية    896.551 شحنة بريدية تم تسليمها يوميا برمضان    العيد انطلاقة لا ختام    1320 حالة ضبط بالمنافذ الجمركية    تجمع الرياض الصحي الأول يحقق أرقاماً قياسية في ختام حملة "صم بصحة"    أبشر بالفطور تختتم أعمالها بتغطية محافظات الشرقية و توزيع ٥٠ الف وجبة    تجمع الرياض الصحي الأول يُطلق حملة «عيدك يزهو بصحتك» بمناسبة عيد الفطر المبارك 1446ه    أكثر من 70 ألف مستفيد من برامج جمعية الدعوة بأجياد في رمضان    حليب الإبل إرث الأجداد وخيار الصائمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كمال جنبلاط مُستعاداً في مئويته
نشر في الحياة يوم 22 - 06 - 2017

وفق المثل الشعبي الدارج، فإن لبنان يهتز ولا يقع. ومع أن نظامه مسمى مدنياً وديموقراطياً، فإنه يفتقد الكثير من المبادئ والقيم الديموقراطية التي يتقن نوابه وحكامه النطق بها.
مع ذلك، لا يمر الزمن السياسي اللبناني على انتصار أول ثورة شعبية سلمية عرفها العالم العربي (18 أيلول/ سبتمبر 1952). ذلك الانتصار أحرزه الشعب اللبناني بإرغام رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري على الاستقالة، بعد إضراب شمل جميع المحافظات اللبنانية ودام خمسة أيام فقط لم تُطلق خلالها رصاصة واحدة، ولا انكسر لوح زجاج... وكانت الهتافات واليافطات على قدر عال من الأدبيات والشعارات الوطنية. أما القيادة، فكانت ل «الجبهة الاشتراكية الوطنية» وكان كمال جنبلاط أمينها العام، والأعضاء: كميل شمعون، بيار إده، إميل البستاني، أنور الخطيب، غسان تويني، عبدالله الحاج، وديكران توسباط.
لم يمر الزمن السياسي على تلك المجاملة الوطنية التي دارت بين كميل شمعون وكمال جنبلاط في بداية الجلسة التي عقدتها «الجبهة»، في ذلك المبنى القائم في قلب بيروت بين شارع «الجميزة» وساحة الشهداء، حيث كانت الجماهير تطلق الهتافات: «جنبلاط... شمعون...»، وكان جنبلاط قد وصل إلى المبنى مرفوعاً على الأكتاف بدءاً من محطة المتحف. وهو لم يكن قد افتتح جلسة «الجبهة» التي التفّ أركانها حول طاولة مستطيلة حين توجه شمعون بالكلام الى جنبلاط قائلاً: مبروك فخامة الرئيس...
ومع تصفيق أركان الجبهة لم ينبهر جنبلاط بالمجاملة، إنما ارتسمت على وجهه ابتسامة خفيفة وهو يمسك قلم الرصاص من طرفيه ليقول وهو ينظر أمامه على سطح الطاولة المستطيلة: أنا الرئيس... لكن غيري سيكون صاحب الفخامة.
مرت المجاملة التي دخلت في تاريخ الأدب السياسي اللبناني من دون أي تعليق، لكن كلاً من الأركان السبعة كان يدرك في صمته أن الحق الطبيعي برئاسة جمهورية لبنان كان لكمال جنبلاط بعد ذلك الانتصار الشعبي الذي نظمه وقاده، وكان خطيبه الأول، وقد سقط ثلاثة شهداء من حزبه في مهرجان شعبي حاشد أقيم قبل الانقلاب في بلدة «الباروك» في أعالي الشوف.
لكن جنبلاط كان يدرك علّة النظام اللبناني غير المكتوب، فراية الرئاسة معقودة لنائب ماروني، ولم يكن بين الأقطاب الموارنة من هو أقرب إلى الرئاسة من كميل شمعون، ثم إن جنبلاط نفسه هو الذي نظّم أكبر حشد شعبي تقاطرت وفوده من مختلف مناطق جبل لبنان لاستقبال الرئيس شمعون يوم انتخابه (23 أيلول 1952)، ثم مواكبته إلى مدينته «دير القمر» ومنها الى القصر الرئاسي الصيفي في «بيت الدين».
لم يدُم طويلاً
من سوء حظ اللبنانيين أن ذلك النصر السلمي الوطني الديموقراطي الفريد من نوعه الذي أحرزوه لم يدم طويلاً، ثم ما كان للبنان أن يستعيد أمنه واستقراره إلا بانتخاب قائد الجيش آنذاك الجنرال فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية (1958) وكم كان ذلك القائد النبيل مدركاً عناصر علّة النظام السياسي اللبناني، وهو كان قد نصح صديقه كمال جنبلاط بعدم إلزامه قبول رئاسة الجمهورية، بل إنه نبّه أكثر من مرجع سياسي إلى عواقب انتقال الرئاسة اللبنانية من الصف المدني إلى الصف العسكري، حتى أنه لفظ جملة شهيرة مفادها «أن انتقال رئاسة الجمهورية اللبنانية من مدني إلى عسكري، وإن بالانتخاب «الديموقراطي»، سيفتح شهية كل قائد للجيش على رئاسة الجمهورية، فيخسر لبنان ميزته المدنية بين مجموعة الدول العربية.
وخلال جلسة مصارحة بين شهاب وجنبلاط، قال الجنرال: «من الصعب على الرئيس العسكري أن يفكر مدنياً وهو يستعد لاتخاذ قرار مهم»، وأضاف: إذا درجت عادة انتخاب قائد الجيش المحال على التقاعد رئيساً للجمهورية، تبدأ حسابات معركة الرئاسة من قرار تعيين قائد الجيش. وهذا ما حصل. فبعد رئاسة شهاب جاء شارل حلو رئيساً، وبعده سليمان فرنجية، ثم الياس سركيس، وأمين الجميل، ثم حلّ النظام العسكري السوري في لبنان، فكان اتفاق الطائف الذي أعاد إلى الجمهورية اللبنانية وجهها المدني بانتخاب رينيه معوض الذي كان حظه مأسوياً. فقد «منحه» النظام السوري بضعة أيام رئاسية ليفجره يوم عيد استقلال لبنان وهو في طريقه إلى الاحتفال الذي تحوّل مأتماً وطنياً مجللاً بالسواد بدل علم الجمهورية اللبنانية.
ومع نهاية الرئيس اللبناني رينيه معوض، توقّف زمن الرئيس اللبناني المدني ليبدأ عهد الرؤساء – الجنرالات بعد نهاية خدمتهم وإحالتهم على التقاعد، وليس بانقلاب، وهذا من نعم الديموقراطية اللبنانية على علاتها.
كلمات في البرلمان
لكن، هل يُدمن اللبنانيون الحكم العسكري باللباس المدني؟... هذا السؤال – الهاجس كان يدور في ذهن كمال جنبلاط منذ منتصف خمسينات القرن الماضي. وقد صدر أخيراً عن «الدار التقدمية – المختارة» كتاب من جزأين بعنوان «آراء وكلمات في البرلمان اللبناني»، يتضمن خطب كمال جنبلاط النائب ومداخلاته خلال 34 سنة نيابية. ويبدأ الكتاب بالخطاب الأول الذي ألقاه جنبلاط نائباً في جلسة 7 تشرين الأول (أكتوبر) 1943، التي عُقدت في الغسق الذي سبق فجر الاستقلال وكانت مخصصة لمناقشة البيان الوزاري للحكومة التي تألفت برئاسة رياض الصلح.
وبدأ الشاب الوافد من «دار المختارة» خطابه بتوجيه النقد إلى الحكومة التي كانت برئاسة المغفور له الشهيد رياض الصلح.
«أيها الزملاء الكرام... لم يذكر الزملاء الخطباء نقطة جوهرية من موقف الوزارة من المجلس والأمة. وهو الاعتراف الصريح الرسمي باستقلال لبنان بحدوده الحاضرة.
أنتم تعرفون مثلي تاريخ هذا البلد، وكيف أنه لم يمتد يوماً من الأيام إلى حدوده الحاضرة إلا في عهد الأمير الدرزي فخر الدين المعني الكبير، وتعلمون أيضاً أن هذا الوطن العزيز تقلّص من بعد إلى حدود جبل لبنان الضيقة التي ظلّت عليها السيطرة الدرزية تضمن لها الرخاء، والاستقلال، والكرامة، مدة مايتي سنة».
وأضاف: «جرى ما جرى، وتفسخ كيان لبنان الصغير في نظام سنة 1864، ذي الطابع الطائفي الممقوت، إلى أن أزالته تماماً من الوجود تركيا المحاربة العثمانية سنة 1914.
وجاء عهد الفتح الفرنسي، فأنشئت مما أنشأوا، من جديد، دولة جديدة تضم إلى حدود لبنان الكبير، مقاطعات لم تكن للبنان علاقة بها، كما أنها لم تكن ترغب في أن تكون لها علاقة مع لبنان.
ومضت الأيام، وأوشكت هذه الحرب الجهنمية أن تنقضي (الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945) وها نحن نجابه أحداثاً جديدة، ومنها استقلال هذه البلاد وضمانة الدول لهذا الاستقلال، ولكنه، في عرفي، أضمن وأقوى عامل لهذا الاستقلال اليوم، هو موقف هذه الوزارة وهذا المجلس من هذا الاستقلال.
أنتم لا تدركون تماماً أهمية هذا الوضع من وجهة الحقوق الأساسية والدولية، فإنه لأول مرة في تاريخ لبنان، يعترف أهل لبنان الكبير بلبنان، مسلمه، ومسيحيّه، ودرزيّه، وشيعيّه».
وأنهى كمال جنبلاط خطابه بهذه الجملة: «فإني، والعزة تملأ نفسي، أحيي هذه البادرة، وهذا العهد الجديد. أحيي لبنان، وأحييه بصيغته العربية، لأن العروبة وحدها كانت تكفل لهذه البلاد الوحدة القومية، والاستقلال المصان».
وختم قائلاً: «وعلى هذا الأساس، سأعطي الثقة للوزارة «الصلحية» مترفعاً عن روح الحزازات والعنعنات، مؤثراً مصلحة البلاد الكبرى على كل مصلحة...
عاش لبنان ذو العزة والكرامة...».
أربع وسبعون سنة من الاستقلال حتى اليوم... وعشرات آلاف الشهداء والضحايا الذين قضوا في حروب «عبثية» باسم لبنان، وعلى حساب لبنان، عدا الدمار وخرائب المدن، ونكبات الاقتصاد والرأسمال الوطني، والهجرة إلى غير رجعة. ويبقى الوطن الصغير صامداً ومستعصياً على التغيير!...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.