بعد اقتراب هزيمة تنظيم «داعش» في العراق وسورية، قد يلجأ الروس إلى تكتيكات جديدة لمنع عودة ما يقرب من 2400 شخص من الجهاديين الروس من سورية والعراق، الأمر الذي سيشكل تهديداً أمنياً كبيراً. وقد تضطر موسكو إلى تقديم تنازلات لواشنطن من أجل التعاون في سورية وتفادي العمليات الاستخباراتية الأميركية التي قد تسهل دخول المقاتلين إلى داخل الأراضي الروسية أو على حدودها مع أفغانستان، ومن غير المستبعد أن تتخلى روسيا عن بشار الأسد بغية التوصل إلى حلول وسطية للتركيز على الأمن الروسي والتهيئة لانتخابات في عام 2018، ولم يعد التمسك بالأسد مفيداً في مرحلة ما بعد «داعش». الهجوم الذي ضرب سان بطرسبرغ هدفه إظهار فشل استراتيجية بوتين، ويشكّل بداية لعودة الجهاديين الشيشان الذين قاتلوا في سورية. من جانب آخر، على رغم التنافس على المجندين والموارد بين إمارة القوقاز وولاية القوقاز التابعة ل»داعش»، فإن إحدى القضايا التي قد توحدهم هي كراهية الشيعة وراعيهم بوتين روسيا في سوريا وتدخلاته المتصاعدة هناك، ناهيك عن نوايا الانخراط في ليبيا، الأمر الذي سيجعل روسيا هدفاً رئيساً للقاعدة و«داعش» في المستقبل القريب. كانت استراتيجية موسكو جعل سورية موقعاً أكثر جاذبية للجهاديين الروس وقد نجحت بذلك حيث تراجع التمرد في شمال القوقاز وفي جميع أنحاء الشيشان بعد انتقال المقاتلين الروس المحليين إلى العراق وسورية. وسمحت روسيا للمقاتلين الروس بالسفر . وعملت على إبقاء الأسد في السلطة لإشغال «داعش» في محاربته. كذلك وفرت حماية للميلشيات الشيعية في سورية لإشعال مشاعر المتطوعين الروس للذهاب إلى سوريا للانتقام. ولم يكن تركيز القصف الروسي على مقاتلي «داعش»، وإنما على الجماعات المتمردة الأخرى, ناهيك عن العمل على إطالة أمد الحرب بعرقلة التوصل إلى حلول سياسية. قد تكون إسرائيل حامية الأسد بدلاً من موسكو، حيث ترى أن بقاء الأسد كرئيس قوي يملك سيطرة حازمة على الدولة أفضل من دولة الفوضى وتفكيك سورية لمناطق نفوذ لجماعات متعددة. وسيعقد هذا الوضع تحديد المسؤولية تجاه أي خرق ضد إسرائيل، وإن تفكك سورية يعني سيطرة حزب الله على الحدود مع إسرائيل. لا يزال الموقف الأميركي غير مستقر في تحديد مصير الأسد. ومن الصعب على واشنطن الموازنة بين أمن إسرائيل ومطالب الدول السنية التي تضغط لرحيله, في ظل تمسك الروس بالأسد الذي أصبح يمثل ورقة التنافس بين روسيا وأمريكا, لاسيما وأن البديل هو سيطرة الإسلاميين. وقد يعتبر عزل الأسد خطوةً هامّة بالنسبة لأميركا وإسرائيل ودول عربية لمواجهة النفوذ الإيراني، لأن ذلك سيضعف مكانة إيران. * المدير العام للمركز الدولي لتقييم المخاطر بأبوظبي