يعيش نازحو العيص يوماً بعد آخر على «أمل» ما أن يطل عليهم حتى يتوارى، علها تنفرج أزمتهم، ويعودون إلى مساكنهم لممارسة حياتهم الطبيعية، بعد أيام قاسية قضوها متناثرين في مخيمات الإيواء وفنادق وشقق المدن القريبة منهم، هرباً من الهزات الأرضية التي ضربت المنطقة خلال شهر مضى، في حين باتت الترتيبات النهائية لقرار عودتهم هاجساً مقلقاً ومحيراً للجهات المعنية. السكان وقعوا فريسة للانتظار، والدفاع المدني وهيئة المساحة الجيولوجية بين فكي «نسمح أو لا نسمح»، رغبة في إعادة الأهالي إلى حياتهم الطبيعية من ناحية، وتحسباً لأي طارئ في مثل هذه الظروف التي يصعب فيها تعليق القرار على تنبؤات مستحيلة، «خصوصاً مع تسجيل هزتين أرضيتين خلال ال 24 ساعة الماضية قوتها بين 3.1 و 3.4 درجة بمقياس ريختر، وهما قريبتان من الخط الأحمر الذي يدعو للتأهب والحيطة، الأمر الذي يجعل من قرار العودة مغامرة لابد من الحذر قبل خوضها، حتى تستقر الأوضاع نهائياً»، بحسب إشعار هيئة المساحة للدفاع المدني الذي أبلغه ل «الحياة» قائد القوة المرابطة للدفاع المدني في العيص العقيد زهير سيبيه. وفيما استكملت اللجنة المكلفة باعتماد خطة العودة، أعمالها، من قبل الجهات المعنية، توقع العقيد سيبيه أن تتضح الأمور بالنسبة لعودة النازحين إلى منازلهم خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد وصول إشارة من هيئة المساحة الجيولوجية في هذا الصدد، مؤكداً أن الهزات الأرضية انخفضت حالياً بشكل يطمئن الجميع. وشدد على أهمية التزام الأهالي بالأنظمة والتعليمات المتخذة في خطة الطوارئ، كونها وضعت لمصلحتهم، مشيراً إلى أن إدارته وضعت خطة متكاملة بمساندة الجهات الأمنية والحكومية الأخرى لتنسيق عودة الأهالي عند إقرارها، بما يضمن وصولهم إلى منازلهم سالمين، «إذ لن يسمح لهم بالعودة دفعة واحدة، خشية وقوع حوادث مرورية، وأُطرت الخطة ببرنامج زمني دقيق ومتابعة أمنية ومرورية مكثفة». بدوره، أكد المدير العام للهيئة الملكية في ينبع بالإنابة المهندس سعود المالكي أن الهيئة اتخذت استعداداتها وإمكاناتها كافة لمواجهة موجة الهزات التي تعرضت لها مدينة العيص والقرى والهجر التابعة لها، مشيراً إلى وضع خطة لمواجهة تطورات الأوضاع. جاء ذلك خلال ترؤس المالكي أمس الاجتماع الذي عقد مع مسؤولي الشركات الصناعية الكبرى في ينبع الصناعية، بهدف الوقوف على المخاطر المحتملة من النشاط الزلزالي على المنشآت الصناعية في المدينة الصناعية. وأوضح المالكي أن جميع منشآت ومرافق مدينة ينبع الصناعية أخذت الهزات الأرضية التي حدثت مسبقاً في الحسبان، بعد الرجوع إلى تصاميم تلك المنشآت، مشيراً إلى أن منشآت ينبع الصناعية لم تتضرر جراء الهزات الأرضية، إذ تم تمتعه باحتياطات وقائية للتعامل مع مثل هذه الظروف والأحداث. وفي غضون ذلك، تبذل الوحدة الصحية المدرسية في العيص جهوداً كبيرة في متابعة الحالات الصحية لطلاب المدينة. وقال مدير الوحدة الدكتور عثمان الحريري: «خدماتنا حالياً ليست قاصرة على الطلاب بل تشمل الأسر المقيمة في المخيم، والموجودين فيه». وأضاف أن أكثر الحالات الصحية التي راجعت الوحدة دون سن العاشرة، وكانوا يعانون أعراض الزكام، واحتقان الحلق، وحساسية الصدر والكحة نتيجة التغييرات الجوية، بينما اقتصرت حالات كبار السن على طلب أدوية الأمراض المزمنة. إلى ذلك، يواصل فرع وزارة المالية في محافظة ينبع وللأسبوع الثاني على التوالي صرف بدل الإعاشة لأهالي العيص النازحين إلى الفنادق والشقق المفروشة في ينبع. وأوضح مدير فرع وزارة المالية في محافظة ينبع محمد بن أحمد الحيدري أنه جرى أمس استكمال الصرف ل 695 أسرة تسكن في 54 وحدة سكنية، ويقدر عدد أفرادها بنحو 4800 فرد، لافتاً إلى أنه سيتم اليوم (الأحد) صرف بدل السكن للأسر الراغبة في تدبير أمور سكنها بنفسها، ويبلغ عددها 120 أسرة.