تعرضت بريطانيا وفرنسا لهزتين أمنيتين، بعدما أقدم سائق شاحنة صغيرة مقفلة (فان) على دهس مجموعة مصلين إثر مغادرتهم مسجداً شمال لندن، ما أسفر عن إصابة 10 أشخاص بجروح، فيما هاجم إرهابي موكباً للشرطة في باريس بسيارة كان يقودها، ما أدى إلى مقتله إثر اندلاع النار بالسيارة، فيما لم يصب أي عنصر أمني، في حادث يشتبه في أنه كان محاولة لشن هجوم انتحاري. ووقع اعتداء لندن بعد سلسلة هجمات إرهابية في البلاد، وكارثة حريق برج سكني غرب العاصمة، كما أتى في توقيت حساس بالنسبة إلى لندن، التي بدأت في بروكسيل أمس مفاوضات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وفصلت بضع ساعات بين الاعتداء في شمال لندن والهجوم في جادة الشانزيليزيه في باريس، حيث أقدم مهاجم «مسلح» على صدم شاحنة صغيرة للشرطة بسيارته التي اندلعت فيها النار، قبل مقتله. وفرض طوق أمني في المنطقة بعد الحادث، الأول من نوعه منذ شهرين في البلاد، عندما قتل ارهابي جزائري رجل شرطة رمياً بالرصاص في هذه الجادة الشهيرة في 20 نيسان (أبريل) الماضي، أي قبل ثلاثة أيام من الدورة الأولى لانتخابات الرئاسة الفرنسية التي فاز فيها الرئيس إيمانويل ماكرون. واعترض المهاجم البالغ من العمر 31 سنة، موكب الشرطة عند مستديرة الشانزيليزيه قرب قصر الإليزيه الرئاسي، وعثر في سيارته، وهي من طراز «رينو ميغان»، على رشاش «كلاشنيكوف» وذخيرة وعبوة غاز. وسرت تكهنات بأن المهاجم أراد تفجير السيارة بموكب الشرطة. وأحيل التحقيق على النيابة العامة المكلفة شؤون الإرهاب، فيما أعلنت الأجهزة أن المهاجم مراقب منذ فترة للاشتباه في صلته بالإرهاب. وزار وزير الداخلية جيرار كولومب مكان الهجوم، حيث أعلن أن مستوى التهديد الإرهابي المرتفع جداً يحتم الإبقاء على حال الطوارئ الأمنية. أتى ذلك فيما كانت لندن لا تزال تحت صدمة الاعتداء على المسجد الواقع في منطقة فينزبوري بارك شمال لندن، والذي وصفته رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بأنه اعتداء «مقزز» على «البريطانيين المسلمين»، وذلك خلال تفقدها مكان الهجوم. وأقدم سائق ال «فان» على دهس مجموعة من المصلين لدى مغادرتهم المسجد بعد صلاة التراويح، ما أسفر عن جرح عشرة، تلقى اثنان منهم إسعافات أولية في المكان، فيما نقل ثمانية إلى المستشفى. وأفيد بأن رجلاً قتل في مكان الحادث، لكن وفاته أتت نتيجة صدمة ولم تكن ناتجة عن جروح. وسارع جمع من المصلين إلى احتجاز سائق ال «فان» البالغ من العمر 48 سنة، في انتظار وصول الشرطة، التي نقلته إلى مستشفى لفحص قواه العقلية، بعدما أفاد شهود بأنه ردد عبارات مسيئة وتنم عن كراهية عرقية. وكان إمام المسجد تدخل للحيلولة دون تعرض السائق لغضب الذين وُجدوا في مكان الحادث، ريثما يتم تسليمه إلى الشرطة. ونددت جمعيات إسلامية عدة بالاعتداء «المعادي للإسلام» والذي يأتي بعد ثلاثة اعتداءات في بريطانيا في غضون ثلاثة أشهر تبناها «داعش»، وكان اثنان منها عبر دهس مارة بعربات. كما ندد رئيس بلدية لندن صديق خان بالاعتداء «الإرهابي المروع»، مشيراً إلى أنه استهدف «عمداً سكاناً في لندن بعد أدائهم الصلاة خلال شهر رمضان». وزار زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن موقع الاعتداء وبدت على وجهه ملامح الصدمة، وهو يندد بالهجوم. وقال بن ولاس، وزير الدولة البريطاني لشؤون الأمن في وزارة الداخلية، إن الرجل الذي دهس المصلين ليس معروفاً لدى أجهزة الأمن في ما يتعلق بالتطرف اليميني أو الديني. واستنكرت السعودية والأزهر الشريف «العمل الإرهابي العنصري الآثم»، وناشدا الدول الغربية ل «اتخاذ الإجراءات والتدابير الاحترازية كافة التي تحد من ظاهرة الإسلاموفوبيا». وطالب الأزهر في بيان ب «ضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث التي تستهدف المسلمين وتسيء إلى القيم والمبادئ الإنسانية التي تكفل للجميع العيش في سلام وأمان مهما اختلفت عقائدهم أو جنسياتهم».