تواصل القوات النظامية السورية مدعومة بجماعات موالية عمليتها العسكرية في بادية تدمر بالريف الشرقي لحمص ضمن إطار سعيها لتقليص نطاق تمدد «داعش» واستعادة السيطرة على المناطق التي سيطر عليها التنظيم خلال الأشهر والسنوات الماضية، وإجباره على الانسحاب. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الطائرات الحربية نفذت المزيد من الغارات على مناطق في محيط مدينة السخنة وحقل الهيل والعباسة ومنطقة الصوامع بريف حمص الشرقي. وأوضح أن الغارات ترافق معها قصف مكثف من قبل القوات النظامية على مناطق في المحطة الثالثة وحقل الهيل، وسط استمرار الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية والمسلحين الموالين لها من جهة، و «داعش» تنظيم من جهة أخرى على طريق تدمر– السخنة بالريف الشرقي لحمص. وأفاد «المرصد السوري» بتمكن القوات النظامية خلال ال24 ساعة الماضية من تحقيق تقدم جديد والسيطرة على منطقة آرك ببادية تدمر الشمالية الشرقية، محققة بذلك تقدماً جديداً قربها من مدينة السخنة التي تعد آخر مدينة يسيطر عليها «داعش» في محافظة حمص، حيث باتت على مسافة نحو 25 كلم من المدينة. ويعد طريق تدمر– السخنة أولوية بالنسبة للقوات النظامية، إذ أنه سيساعدها على قطع خطوط الأمداد ل «داعش». كما سيساعدها في معركتها المقبلة في محافظة دير الزور. وأفاد «المرصد السوري» أن التقدم نحو مدينة السخنة يأتي بعد سلسلة غارات وضربات جوية نفذتها الطائرات الحربية الروسية والتابعة للنظام والطائرات المروحية وقصف من قوات النظام خلال الأيام والأسابيع الفائتة، على السخنة، والتي كان سببها الأول هو فشل القوات النظامية المتكرر في تحقيق تقدم نحو مدينة السخنة التي تعد بوابة قوات النظام للوصول إلى ريف محافظة دير الزور. فاستعادة القوات النظامية سيطرتها على بلدة السخنة بريف حمص الشرقي يتيح لدمشق التقدم نحو الحدود الإدارية للبادية السورية مع محافظة دير الزور وتنفيذ عملية عسكرية في محافظة دير الزور لطرد عناصر «داعش». يذكر أن بلدة السخنة تبعد نحو 50 كلم عن الحدود الإدارية للبادية مع دير الزور. وفي محافظة دير الزور، قال «المرصد» إن الطائرات الحربية قصفت مناطق وجود «داعش» في بادية التيم وجبل الثردة وحويجة صكر، ومحيط تلة بروك في محيط مدينة دير الزور. وقصفت طائرات يرجح أنها تابعة للتحالف الدولي مناطق في حقل العمر النفطي، ما أدى لنشوب حرائق في المنطقة. في موازاة ذلك، ذكرت صحيفة «إزفستيا» الروسية أمس، أن تدفق الأسلحة الإيرانية إلى النظام السوري بات «سلساً» بعد وصول القوات النظامية مدعومة بالميليشيات الأجنبية إلى الحدود العراقية. وأوضحت الصحيفة أن القوات النظامية تمكنت من شق ممر لنقل أسلحة من إيران إلى سورية عبر العراق، في موقع يبعد 20 كيلومتراً عن معبر التنف. وأضافت: «تم فتح الطريق البري الذي يربط بين الدولتين، وقد بدأت سيارات الشحن تسير عليه». ونقلت الصحيفة عن ضابط متقاعد في القوات النظامية قوله، إن «فتح الطريق... يتيح تجاوز المصاعب لنقل السلع العسكرية والأسلحة والذخيرة والأدوية والمساعدات الأخرى» من طهران. وأعلنت دمشق وصولها إلى الحدود العراقية (شمال التنف) 9 حزيران (يونيو)، فيما نشرت مواقع إيرانية صوراً لجنود من «لواء فاطميون» الأفغاني معهم قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وقالت إنها في منطقة الحدود. وكان النظام السوري فقد سيطرته على آخر منافذه الحدودية مع العراق والأردن قبل نحو عامين، ما اضطر إيران إلى توريد الأسلحة له عن طريق الجو. ويجاور المعبر، الذي بدا واضحاً تحكم ميليشيات تابعة ل «الحرس الثوري» الإيراني فيه، قاعدة التنف الخاضعة لإشراف الولاياتالمتحدة وبريطانيا. وكانت القوات النظامية والميليشيات المتحالفة معها تعرضت لغارات جوية من التحالف الدولي عدة مرات أثناء زحفها في البادية السورية باتجاه الحدود مع العراق. وتكمن أهمية تقدم قوات النظام في منطقة الحدود قرب معبر التنف في التقاء الجيشين، السوري والعراقي، في نقطة حدودية تقع شمال منطقة التنف. وبدأت عمليات القوات النظامية انطلاقاً من ريف سلمية ومنها إلى ريف حلب الشرقي وربط هذين المحورين ببعضيهما ومنها إلى ريف السويداء جنوباً، لتبدأ بعدها العملية الاستراتيجية الكبرى والتي تهدف لربط الحدود السورية– العراقية. فقد بدأت القوات النظامية السورية التقدم انطلاقاً من محيط بئر العاصي، شرق تدمر، باتجاه الشرق وصولاً إلى منطقة أم الصلابة وآبار سجري. هذه المنطقة تبعد قرابة 23 كيلومتراً شمالاً عن موقع الزقف الذي كانت تتمركز فيه قوات خاصة أميركية بصحبة مقاتلين من فصيل «مغاوير الثورة»، وبعدها اتجهت القوات النظامية نحو الجنوب الشرقي، وتقدّمت نحو الحدود مع العراق وصولاً إلى نقطة حراسة حدودية. ولم يعلق «التحالف» في شكل مباشر على تقدم النظام، لكنه أكد أنّ ما تقوم به القوات الموالية للنظام قرب مواقع التحالف وشركائه «لا يزال يثير قلقنا، والتحالف سيتخذ التدابير الملائمة لحماية» قواته. وبهذا التقدم تكون القوات النظامية قد قطعت على القوات المدعومة أميركياً الطريق للتقدم باتجاه دير الزور المتوقع أن تشهد المعركة الكبيرة المقبلة لتحريرها من داعش. أما من الجانب العراقي، فالتقدم يساعد قوات «الحشد الشعبي» في عملياته العسكرية، حيث ثبّت مواقعه عند الحدود السورية، من بلدة أم جريص شمالاً وصولاً إلى معبر تل صفوك جنوباً، ليصل ذلك مجموع الخطّ المحرّر حوالى 55 كلم من الخط الحدودي. ومن المتوقّع أن تتضمّن خطّة «الحشد» تقدّماً جنوبياً، لتصل القوات حتى معبري القائم والوليد، حيث ستلتقي بالقوات السورية.