احتلت «فوبيا المطر» مرتبة متقدمة في جدول «الأمراض المزمنة» التي يعاني منها سكان محافظة جدة، إذ اختلفت أساليب التعامل مع هذا النوع من الفوبياً بحسب كل فئة، ففيما منحت الطلاب والطالبات الإذن الرسمي للغياب عن فصول الدراسة، أجبرت الآباء على المكوث في المنازل لحماية أسرهم في حين حولت النساء إلى أفراد في قسم ل «عمليات» حيث يرصدن كل ما هو جديد في مسلسل «رعب الأمطار». وأمام ذلك، لم يتأخر بندر العتيبي (موظف حكومي) في إبلاغ أبنائه بقرار منعهم من الذهاب إلى مدارسهم بعد أن تلقى رسالة هاتفية من المدارس تفيد بإلغاء اليوم الدراسي، معلناً في الوقت ذاته أنه لن يذهب إلى العمل بهدف حماية أسرته من المخاطرة المحتملة، نتيجة لتوقعات رسمية تؤكد استمرار هطول الأمطار على المحافظة. على الطرف الآخر، قضت نجوى الحربي (35 عاماً) يوم إجازتها الأسبوعية متنقلة بين مواقع الإنترنت المخصصة في متابعة الطقس، إضافة إلى المواقع الإخبارية، للتأكد من درجة الخطورة التي تحملها السحب التي مرت فوق سماء العروس، ولم تكتف نجوى بهذا الحد، بل قدمت خدمات مجانية لبعض «الصديقات» تتمثل في بث رسائل تحذيرية تصدرت عناوينها المطالبة بعدم الخروج من المنازل. وعلى رغم انتشار حال «القلق» و«الإرباك» بين بعض سكان جدة مع بدء هطول الأمطار، إلا أن المحلل النفسي والمستشار وخبير العلاقات والشؤون الأسرية والمجتمعية الدكتور هاني الغامدي يصف هذه الحال ب «الطبيعية» في ظل عدم وجود توجيه «مؤثر» من قبل الجهات الحكومية المسؤولة، ويضيف: «إن ما يحدث من تصرفات تلقائية لسكان جدة بعدم الذهاب إلى العمل وعدم إرسال أبنائهم إلى المدارس نتيجة لانعدام الأمان والخوف من المخاطر التي تتربص بهم في الخارج، والناجمة عن غرق الشوارع نتيجة لجريان مياه السيول بها». ويمضي بالقول: «من الطبيعي أن يعاني سكان العروس من مرض فوبيا المطر، خصوصاً وأن شريحة كبيرة منهم فقدت الأمان في المسكن بعد غرق منازل الكثيرين ومحاصرة المياه لهم، إضافة إلى انعدام الأمان البيئي لانتشار الأمراض جراء انتشار مستنقعات داخل المدينة بعد هطول الأمطار وأخيراً انعدام الثقة في الخدمات العامة، بسبب عدم حل إشكالية البنية التحتية للمدينة وإعادة هيكلة الشوارع، ويزيد: «إن تكرار مشاهد غرق الشوارع والمنازل أفقدهم الثقة بتعديل الأوضاع داخل المدينة لعدم احتواء الإشكالية ومعالجتها على رغم مرور أكثر من عام على كارثة جدة».