صعدت القوات النظامية السورية والميليشيات الموالية لها من هجماتها على منطقة تسيطر عليها فصائل المعارضة في مدينة درعا الجنوبية في تمهيد محتمل لهجوم واسع النطاق لانتزاع السيطرة على المدينة بالكامل، وذلك حسبما قال عناصر من المعارضة وسكان. وتعرضت المنطقة الجنوبية من درعا التي تحتل مكاناً استراتيجياً على الحدود مع الأردن لأعنف موجات القصف، وكانت المنطقة شهدت تفجر الانتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد قبل ست سنوات. وقال عناصر المعارضة وسكان إن القوات النظامية كثفت في الآونة الأخيرة من إسقاط البراميل المتفجرة أو الأسطوانات المعبأة بشظايا، كما أطلقت مئات مما يسمى ب «صواريخ الفيل» على الحي القديم بدرعا ومخيم سابق قريب للاجئين. وتكثف القوات النظامية من حملتها في درعا، ودفعت بمزيد من التعزيزات من عناصرها وحلفائها في حزب الله وفصائل شيعية عراقية إلى المدينة من عدة مواقع قرب العاصمة دمشق. كما عززت القوات النظامية وجودها في طريق دمشق- درعا وهو طريق إمدادات رئيسي، وأدت خنادق محصنة بشكل جيد على جانبي الطريق ِإلى زيادة صعوبة شن عناصر المعارضة هجمات. وقال الرائد عصام الريس المتحدث باسم ما يسمى ب «الجبهة الجنوبية» ل «الجيش السوري الحر» الذي يدعمه تحالف عربي- غربي، إن «النظام نقل طوابير طويلة من القوات من الفرقة المدرعة الخاصة الرابعة وقوات من حزب الله أيضاً» على جبهة درعا. ويقول عناصر المعارضة إن تعزيز عدد القوات النظامية والقصف الجوي العنيف في الأسابيع الأخيرة يشيران إلى حملة ضخمة لما يعتبره عناصر «الجيش السوري الحر» معركة فاصلة. وقال الريس ل «رويترز» إن كل شيء يشير إلى أن «النظام يستعد لشن هجوم عسكري واسع النطاق في درعا يعتزم فيه تطويق المدينة والوصول إلى الحدود الأردنية». من ناحيته، قال أدهم الكراد قائد «لواء الصواريخ» في «الجبهة الجنوبية» في «الجيش السوري الحر»، إن «مراقبتنا تشير إلى حاملات جنود ومدرعات ثقيلة وإذا استمر ذلك على نفس المستوى من التعزيزات فسيكون كبيراً جداً». وصعدت القوات النظامية حملتها لاستعادة حي المنشية، وهو منطقة استراتيجية سقطت بشكل شبه كامل في يد عناصر المعارضة بعد معارك في الشوارع استمرت أربعة أشهر. واقتحم عناصر المعارضة المنشية آخر موطئ قدم للقوات النظامية في الحي القديم الذي تسيطر عليه قوات المعارضة في درعا في شباط (فبراير) الماضي لإحباط محاولة من القوات النظامية للسيطرة على «معبر نصيب» الاستراتيجي مع الأردن. وستؤدي سيطرة القوات النظامية على المعبر إلى قطع ممر عناصر المعارضة بين المنطقتين الشرقية والغربية من محافظة درعا التي يسيطرون عليها وتوجه ضربة كبيرة لنفوذهم في الجنوب. لكن الهدف الاستراتيجي للقوات النظامية هو فتح طريق مباشر من دمشق إلى الحدود الأردنية. ومع القصف العنيف في درعا منذ أسابيع وتوقع معارك وشيكة كبيرة وحاسمة، تقترب القوات النظامية من إفشال مخطط قوات «التحالف الدولي» بإنشاء منطقة آمنة جنوب سورية. وقال مسؤولون أميركيون إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجرت محادثات سرية مع روسيا في الأردن حول منطقة «تخفيف التوتر» في جنوب سورية. وأكدت الصحيفة أن آخر اجتماع كان قبل أسبوعين تقريباً، بمشاركة مسؤولين أردنيين. وكان من المقرر عقد جولة ثالثة هذا الأسبوع لكنها تأجلت لأسباب فنية. ومع أن درجات التوتر بلغت مستويات غير مسبوقة بقيام «قوات التحالف» بقصف عناصر القوات النظامية والميليشيات الإيرانية الموالية لها كلما اقتربت من «معبر التنف» الحدودي، إلا أن ذلك لم يمنع القوات النظامية وحلفائها من التقدم وإرسال الأرتال العسكرية نحو درعا منذ أيار (مايو) الماضي. وشملت التعزيزات قوات من «الفرقة الرابعة» ونحو 250 مقاتلًا من حزب الله. ويرفض الأردن أي وجود للميليشيات الإيرانية قرب حدودها. وتهدف القوات النظامية إلى طرد عناصر المعارضة من مدينة درعا، والسيطرة بالتالي على المعبر القديم مع الأردن، وفصل الريف الشرقي لدرعا عن الريف الغربي، وإضعاف فصائل المعارضة في الجنوب. من ناحيته، أفاد موقع «الدرر الشامية» المعارض بأن الطيران المروحي للقوات النظامية استهدف مدن درعا وبلداتها صباح أمس بنحو 14 برميلاً متفجراً بالإضافة إلى 17 صاروخًا من نوع فيل. وأفادت مصادر ميدانية، بأن طائرات القوات النظامية قصفت مخيم درعا وحي طريق السد بدرعا المحطة ب22 صاروخاً شديد الانفجار، و38 برميلاً متفجراً، بالإضافة إلى مادة النابالم الحارق، فضلاً عن عشرات القذائف الصاروخية أول من أمس. وتواصلت الاشتباكات على جبهة مخيم درعا، في محاولة من القوات النظامية والميليشيات الموالية لها للتقدم في المنطقة، بعدما فشلت في تحقيق أي تقدم على محور حي المنشية. وكانت فصائل «غرفة عمليات البنيان المرصوص» أعلنت، في شباط الماضي انطلاق معركة «الموت ولا المذلة». وتمكنت من السيطرة على 90 في المئة من حي المنشية، لإحباط محاولة القوات النظامية السيطرة على معبر نصيب الاستراتيجي مع الأردن. وفي حال سيطرت فصائل المعارضة على حي المنشية وحي سجنة، فستكون قد أحكمت السيطرة على القسم الجنوبي للمدينة (درعا البلد)، وتصبح حينها مسيطرة على 60 في المئة من مدينة درعا.