أغرت النجاحات التي حققها التعاون بين الجيش والقبائل في التصدي لمسلحين تابعين لتنظيم «داعش» ينشطون في جنوب مدينتي الشيخ زويد ورفح في شمال سيناء، قبائل وعوائل مدينة العريش لبحث دور مرتقب لهم في تلك المواجهة من أجل التخلص من هؤلاء المسلحين. واجتمعت قيادات شعبية وقبلية من مدينة العريش مع شيوخ في الشيخ زويد ورفح من أجل بحث هذا الدور وإمكان دخول القبائل على خط المواجهة بين أجهزة الأمن والمسلحين في العريش، خصوصاً أن المدينة التي ظلت هادئة نسبياً مقارنة بالشيخ زويد ورفح، لم تعد في منأى عن الهجمات الموجعة للجماعات المتشددة. وزادت وتيرة الاغتيالات في العريش، خصوصاً التي تستهدف قوات الأمن، إذ قُتل مساء أول من أمس أمين في الشرطة في شارع رئيس في المدنية، بعد أن تعقبه مسلحون وأمطروه بالرصاص، وعندما شاهدهم سائق تاكسي من سكان المدينة تعقبهم في محاولة لتوقيفهم، بمساعدة الأهالي، لكنهم أطلقوا النار عليه فأردوه هو الآخر قتيلاً. وبعد الهجوم بساعات أطلق مسلحون النار صوب مكمن أمني في منطقة بئر لحفن، قرب العريش، لكن قوات المكمن تصدت للمهاجمين وقتلت أربعة مسلحين وفر الباقون فيما جُرح عدد من جنود المكمن. وتعددت وقائع اغتيال أفراد الشرطة في العريش، وبعدها تم اغتيال عدد من مسيحيي المدينة لإجبارهم على النزوح منها، وهو ما كان له صدى لافت. وظهر نفوذ كبير للمسلحين في العريش مع بدء تنفيذ خطة أجهزة الأمن ومراقبة المدينة بالكاميرات، إذ دهم مسلحون متاجر لمنع أصحابها من تركيب كاميرات للمراقبة، كما اعتلوا بنايات وحطموا كاميرات ثبتتها قوات الأمن عند قمتها. وبعد مواجهات عدة بين مسلحين من «داعش» وشباب من قبيلة «الترابين»، دشنت القبيلة «اتحاد قبائل سيناء» لمواجهة هذا التنظيم المتطرف، بتنسيق مع قوات الأمن. لكن الجغرافيا وأيضاً العلاقات القبلية في العريش تختلف إلى حد كبير عنها في الشيخ زويد ورفح، ما يجعل تكرار التجربة في المدينة الحضرية أكثر حساسية. وقال قيادي في اتحاد القبائل ل «الحياة»: «تصلنا يومياً مناشدات من العريش للتدخل وممارسة دور في لجم المسلحين، خصوصاً في الأحياء الجنوبيةالشرقية منها، لكن الوضع في العريش يختلف إلى حد كبير عن رفح والشيخ زويد، ما يجعل الأمر في حاجة إلى دراسة وبحث، وبدأنا في نقاشات مع شيوخ وعائلات من العريش». وتسود العادات القبلية في الشيخ زويد ورفح، وهما أقرب إلى الطبيعة البدوية الصحراوية، والمدينتان بعيدتان عن الحضرية إلى درجة كبيرة، وللقبائل فيها الكلمة الفصل، ولا يسكنهما إلا عدد قليل جداً من الوافدين، وينحصر دور القبائل في مواجهة المسلحين في المدينتين على التمترس في مفاصل المناطق الجبلية للتأكد من عدم تحرك المسلحين عبرها، وربما يمتد إلى مداهمة مغارات فيها، ولا تضم المدينتان غير عدد محدود للغاية من البنايات الحديثة. أما مدينة العريش فهي مدينة حضرية تنتشر فيها البنايات الحديثة، وفيها أحياء عشوائية فقيرة تسكنها أسر وافدة من محافظات أخرى، بحكم العمل أو المصاهرة، ولا تحكم المدينة العادات القبلية، إذ إن غالبية سكانها من عائلات لا تتحدر من قبائل بدوية، وظهيرها الصحراوي خالٍ تقريباً من السكان، ويُعتقد أن المسلحين يتوارون وسط الكتلة السكنية في المناطق والأحياء العشوائية، ما يعني أن أي دور للقبائل فيها سيمارس وسط السكان وفي محيط منازلهم، وقد يستلزم دهم تلك المنازل، وهو أمر يتطلب حذراً بالغاً. في غضون ذلك، طلب «اتحاد قبائل سيناء» من الشباب المنخرط في مواجهة المسلحين في سيناء عدم نشر أي صور واضحة لأي جندي أو ضابط «ممن يجمعكم بهم حب الوطن وحق الدفاع عن الحق والأرض والعرض»، حرصاً على حياتهم وسلامتهم، حتى لا يستغلها الإرهابيون في تحديد شخصياتهم والاستدلال عليهم واستهدافهم. من جهة أخرى، ترأس رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق محمود حجازي أمس المجلس الأعلى للكليات والمعاهد العسكرية بحضور مديري الكليات والمعاهد العسكرية في الكلية الحربية لمناقشة برامج الإعداد والتأهيل العسكري والعلمي والثقافي لبناء الشخصية العسكرية للضباط، وملامح خطط تطوير المنظومة التعليمية التي تشمل تطوير المناهج واستخدام أحدث الأساليب العملية والعلمية لتخريج ضباط قادرين على مواكبة التطور العلمي المتلاحق داخل القوات المسلحة. وناقش رئيس الأركان طلبة في الكليات العسكرية وأعضاء في هيئة التدريس في الكلية الحربية في طرق وأساليب التدريس. وأكد حجازي أن بناء أجيال جديدة قادرة على تحمل المسؤولية في حماية الوطن والدفاع عنه من الأهداف الرئيسية التي تحرص القوات المسلحة على تحقيقها، مشدداً على أن الشباب هم أمل مصر وسبيلها لبناء مجدها بما يملكونه من إرادة قوية وعزيمة وإصرار، وأوصاهم بمداومة البحث والإطلاع والمعرفة لمواكبة التطور العلمي في العديد من المجالات العلمية والثقافية والفكرية المعاصرة، بما يتناسب مع تطور المهمات والواجبات المكلفين بها للدفاع عن الوطن وصون مقدساته.