يتواصل انهمار شلال عرقهم، وتتزاحم داخل مخيلاتهم عشرات الذكريات المؤلمة والمخاوف المرعبة، بينما يواصلون التجديف ضد تيار عيشهم البائس في يم معتركات الحياة!. هكذا هم الكادحون في الأرض الذين سيرتهم الحياة للانخراط «قسراً» في صفوف رافضي العيش في الشقاء، الذين ما فتئوا يتنقلون بين مهمات عدة تتخللها معتركات صعبة تنتهي بدر حفنة قليلة من المال إلى تلك الجيوب الخاوية إلا قليلاً والتي يحلم أصحابها بعيش حياة كريمة!. ولعل اللغويين يذهبون إلى أن الكدح لا يعدو كونه لفظاً قرآنياً، تكرر مرتين في الوحي الإلهي. «جاء مرة كاسم فاعل (كَادِح)، وأخرى كاسم مفعول (كَدْحَاً). «يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً». وفي هذا تأكيد على أن الإنسان فعل وعامل وكادح، وأن الكدح هو وضع الإنسان في العالم. ولنا في الموروثات الاجتماعية والأدبية العربية في ذلك مثال آخر، فكثيراً ما تلوك الألسن أن «الحياة كفاح، واسع يا عبدي وأنا أسعى معك». ولا تخلو طرقات مدينة ما من كادحين كُثُر، طوعوا ظروفهم الحياتية الشاقة، لمواجهة معتركات صعبة والتغلب على تحديات مريرة، بغية الظفر ب «قوت اليوم»!.