وافق زعماء الدول الأعضاء في منظمة الاتحاد الاقتصادي لغرب أفريقيا، على قبول عضوية المغرب في التجمع الاقتصادي للدول الواقعة على المحيط الأطلسي، ليصبح العضو ال16 في المنظمة التي تأسست عام 1975. وأفاد بيان القمة ال51 لمنظمة «إيكواس» التي اختتمت أعمالها في منروفيا عاصمة ليبيريا، بأن «الرؤساء الأفارقة وافقوا مبدئياً على انضمام المملكة المغربية إلى التجمع الاقتصادي لدول غرب أفريقيا، وكُلّف رئيس المفوضية مارسيل آلان سوزا مواصلة الإجراءات الإدارية والتقنية، والبحث في تفاصيل الانضمام، التي سيُصادق عليها رسمياً خلال القمة ال52 المقررة في طوغو في كانون الأول (ديسمبر) المقبل». ورحب بيان الخارجية المغربية، بالموافقة «السياسية» للقمة على انضمام الرباط إلى التجمع الاقتصادي لغرب أفريقيا، واعتبر أنها من «النتائج الإيجابية للديبلوماسية الاقتصادية للمغرب في أفريقيا، إذ تُعد الرباط أحد أكبر المستثمرين في القارة، مع جنوب أفريقيا والصين». وأشارت مصادر تابعت القمة الأفريقية، إلى أن «المرحلة المقبلة ستبحث في التفاصيل التقنية المتعلقة بصيغ الاندماج الاقتصادي، وحرية تنقل رؤوس الأموال والأشخاص، وحركة التجارة البينية والمبادلات وقواعد المنشأ، في سوق يقارب عدد سكانها ذلك تعدادهم في سوق الاتحاد الأوروبي بنحو 400 مليون شخص، وبحجم اقتصادي يصل إلى تريليون دولار ويجعل الاتحاد في المرتبة ال16 في الترتيب العالمي». وتشمل الإجراءات أيضاً، البحث في الاستفادة من التجربة الاقتصادية المغربية، وارتباطها باتفاقات تجارية مع 54 سوقاً عالمية. وأوضحت المصادر أن التجمع الاقتصادي لغرب أفريقيا، أخذ علماً بالشراكات الاقتصادية والعلاقات التجارية التي تربط المغرب بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج ومصر وتونس والأردن، ومع دول أخرى مثل الصين وروسيا والهند. ورأى أنها «مكسب إضافي للمجموعة الاقتصادية الأفريقية، قد يساعد في انفتاحها الدولي وتدفق الاستثمارات ورؤوس الأموال وتسريع التنمية وانبثاق أفريقيا قوية اقتصادياً وسياسياً ومتضامنة مجتمعياً». وسيكون على المغرب التعامل مع واقع ارتباط دول غرب أفريقيا باتفاقات إقليمية موحدة تشمل حرية تنقل الأشخاص واعتماد رسوم جمركية موحدة بالنسبة إلى التجارة الخارجية، مطبقة على السلع المستوردة من خارج الاتحاد. وتعمل تلك الدول على المدى المتوسط، على إنشاء مصرف مركزي وعملة موحدة ومحكمة إقليمية. وسيحتاج الانضمام إلى موافقة البرلمان المغربي وبرلمانات 15 دولة أفريقية، بالمصادقة على بروتوكول العضوية والوثائق المرفقة ليصبح ساري المفعول. ويُعدّ المغرب ثاني أكبر اقتصاد في المجموعة الأفريقية بعد نيجيريا، التي ينجز معها مشروعاً ضخماً لمد أنبوب الغاز إلى البحر الأبيض المتوسط، تستفيد منه الدول الأعضاء في مجال الطاقة الكهربائية والاندماج الصناعي الإقليمي. وسينضم المغرب إلى مشروع الطريق السريع الذي سيربط بين السنغالونيجيريا مروراً بعدد من الدول الواقعة جنوب الصحراء، وسيعمل على مد الطريق شمالاً إلى طنجة على تخوم الاتحاد الأوروبي. وستفيد الشركات المغربية من توسعها جنوباً، ومن امتياز تجاري واستثماري يعزز موقع المغرب في القارة ويمنحه دور الريادة. وتقدر قيمة هذه المشاريع بعشرات بلايين الدولارات، وسيزيد تنفيذها التنمية في أفريقيا جنوب الصحراء وتطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات وإيجاد فرص عمل للشباب وتقليص الهجرة، فضلاً عن تحقيق الاندماج الإقليمي المنشود منذ عقود بين شمال أفريقيا وغربها. وهذا المشروع طموح قد تنضم إليه بصيغ معينة موريتانيا التي طلبت العودة بعد انسحابها منه عام 2000. كما ترغب تونس في عضوية مراقب، في انتظار تحسن الأوضاع الأمنية في ليبيا ونظام الحكم في الجزائر على المدى المتوسط . وأوضحت المصادر أن «انضمام المغرب إلى الاتحاد الاقتصادي لغرب أفريقيا، لا يتعارض مع عضويته وعلاقاته وشراكاته الاقتصادية والاستراتيجية مع تجمعات إقليمية أخرى خصوصاً العربية والأوروبية». لكن المصادر استبعدت عودة الروح إلى الاتحاد المغاربي حالياً، المتوقف منذ سنين بسبب خلافات عميقة بين الجزائر والمغرب حول أكثر من قضية إقليمية. ويعتقد محللون أن قيام تجمع بين شمال القارة وغربها، قد يكون رهاناً جيداً لتجاوز صعوبات وتحديات اقتصادية واجتماعية وأمنية كثيرة، تهدد كل دولة منفردة بالاستناد إلى تجربة الاتحاد الأوروبي بعد سقوط جدار برلين وانصهار شرق أوروبا وجنوبها في منظومة السوق الأوروبية المشتركة، التي حافظت على صمود اقتصادات دول كانت مهددة بالإفلاس، في اليونان وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال وإرلندا ورومانيا وغيرها، وذلك على رغم تحدياتها الأخيرة.