مع اقتراب تجارب الصواريخ الباليستية الأخيرة لكوريا الشمالية من أراضي روسيا، إثر سقوط أحدها قرب مياهها الإقليمية الشهر الماضي، أكد نائب وزير الدفاع الروسي الجنرال ألكسندر فومين، أن هذه التجارب «تهدد بلادنا مباشرة، لأن رسالتها واضحة على صعيد زيادة التوترات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ». وشدد خلال مؤتمر «شانغري- لا» للأمن الإقليمي في سنغافورة، والذي يحضره وزراء داخلية وخبراء من 39 دولة بينهم وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، على أن العقوبات الاقتصادية يجب أن تشكل وسيلة لدفع بيونغيانغ إلى مسار السلام وليس لتدميرها اقتصادياً، وجرها بالتالي إلى تصرفات أكثر زعزعة للاستقرار. وأفادت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أمس، بأن «بيونغيانغ ترفض تماماً العقوبات الأخيرة التي فرضتها الأممالمتحدة على مواطنينا ومؤسساتنا، وتتمسك بمواصلة تطوير السلاح». وعلى رغم تأكيده أن موسكو «تشاطر بلدان العالم قلقها من تصرفات بيونغيانغ»، شدد فومين على أخطار التصرفات التي ترفع شعار الحد من القدرات الصاروخية لكوريا الشمالية، وفي مقدمها نشر الولاياتالمتحدة أنظمة دفاعية صاروخية في كوريا الجنوبية، «لأنها تصرفات تهدد بانزلاق الوضع في المنطقة إلى مزيد من التدهور، وهو ما ينطبق أيضاً على تلويح اليابان بنيتها نشر منظومتها الخاصة للدفاع الصاروخي في المنطقة». وأمس، أجرى سكان بلدة أبو الصغيرة غرب طوكيو والتي تضم 3500 شخص، تدريبات على الإجلاء في حال شن كوريا الشمالية هجوماً صاروخياً، علماً أن بلدات ومدناً يابانية تتخذ خطوات مماثلة استعداداً لما يتمنون ألا يحدث أبداً. وأكد فومين أن روسيا «ستأخذ في الاعتبار التهديدات الجديدة المتمثلة في اقتراب المنظومات الصاروخية من حدودها، لدى تقويمها الأخطار ووضع خطط للرد عليها». ودعا بلدان آسيا والمحيط الهادئ المشاركة في المؤتمر إلى «تنفيذ عمل مشترك لعدم السماح بتطور الموقف وفقاً لسيناريو التصعيد والمواجهة، ونقله إلى مسار الحوار»، مشدداً على أن هذا التحرك يلبي مصالح كل بلدان المنطقة. واقترح إنشاء هيكلية أمنية متكاملة تراعي مصالح بلدان آسيا والمحيط الهادئ ومخاوفها، وقال: «يجب أن تنطلق هندسة هذه الهيكلية من الواقع الحالي عالمياً، وتلبي متطلبات كل الأطراف ومخاوفهم، وتبنى على أساس مبدأ الأمن الموحد لكل بلدان المنطقة واحترام القانون الدولي ومبدأ التسويات السلمية للنزاعات، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والاحترام المتبادل لمصالح كل الأطراف». ولفت فومين إلى أن «نظام التحالفات العسكرية القائم حالياً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لا يمكن أن يشكل وسيلة شاملة لضمان أمن بلدان المنطقة، لأنه لا يلبي الحاجات الأمنية للبلدان التي لا تنخرط في تحالفات عسكرية». كما أشار إلى أهمية أن يأخذ أي تحرك جماعي لتعزيز هيكلية أمنية شاملة في الحسبان التغيرات التي طرأت بعد انتهاء عهد الحرب الباردة، «ما يدفعنا إلى طرح سؤال عن قدرة الهياكل القائمة حالياً على مواجهة التهديدات والتحديات الجديدة».