تبدو الحلقات الخمس الأولى من مسلسل «الجماعة» مؤشراً سلبياً لبناء فكري وجمالي أقل كثيراً من الجزء الأول، المتميز والذي أثار جدلاً وإعجاباً، سواء في ما قدمه من «تاريخ» أو في فنياته. «الجماعة» في جزئه الثاني يواصل رحلته مع جماعة «الإخوان المسلمين» في بلد النشأة مصر ويعرض أيضاً في مناخ سياسي يحتدم فيه الصراع مع هذه الجماعة ومع سواها من جماعات وتنظيمات «الإسلام السياسي» المتطرف في مصر كما في سواها من البلدان العربية ويأخذ أشكالاً دموية. في الجزء الأول من المسلسل عشنا مع دراما تاريخية ميزتها الأبرز والأكثر وضوحاً الحيوية. نتحدث هنا عن مفردات الدراما بدءاً من بناء الشخصيات والمشاهد وإيقاعها والتي تفاعلت كلها مع الحدث الدرامي وتسلسله وتصاعد وقائعه على نحو فيه كثير من الجاذبية ومن عناصر التشويق. يصدق ذلك على نوعية الشخصيات أي التاريخية التي نعرفها والأخرى الدرامية. ففي الحالتين نجح الكاتب والمخرج معاً في تحقيق قراءات مشهدية فيها المتعة وفيها ما يمكن الرجوع إليه كشهادات صادقة على تلك المرحلة ووقائعها. كثير من ذلك افتقدناه في الحلقات الأولى من الجزء الثاني، خصوصاً وقد بدت لنا الشخصيات الدرامية أقل قدرة بكثير على الإقناع والحقيقية. جاء بعض المشاهد سريعاً أكثر مما يحتاج، فيما جاءت مشاهد أخرى على العكس بطيئة، وهي التي تحتاج إيقاعاً سريعاً، ما جعل الإيقاع الدرامي إجمالاً مرتبكاً وغير قادر على الإقناع وتحقيق الجاذبية والتشويق، وهما درامياً نتاج التماسك والحيوية الإخراجية وحلولها الخلاقة. ربما تتغير المسألة بعد ذلك، لكنها لو تغيرت سيظل أنها فعلت تغيرها بعد خمس حلقات نعتقد بأنها أطول كثيراً من أن نعتبرها تمهيداً لقادم درامي بعدها، خصوصاً أن هذه الحلقات حملت وقائع سياسية وفكرية غزيرة كانت تستحق معالجة درامية مغايرة في عمل درامي نعرف أنه يحظى بمتابعة كثيفة من المشاهدين وباهتمام من النقاد والمهتمين بفن الدراما التلفزيونية وبالأحداث السياسية على حد سواء. ليس أمام مسلسل «الجماعة» خيار آخر سوى النجاح والنهوض إلى حالة أكثر حيوية ترتقي بالمشاهدة إلى سوية أعلى، فالقضايا الكبرى التي يعالجها تحتاج إلى ما يتناسب معها من جماليات فنية.