قررت الحكومة السودانية تعليق الملفات الخلافية مع دولة جنوب السودان إلى حين خروج الدولة الوليدة من أزمتها وسمحت لقيادات جنوبية بالإقامة في العاصمة الخرطوم نظراً لظروف بلادهم الأمنية، بينما اتهمت واشنطن بالانقياد إلى مجموعات ضغط معادية للسودان وحمّلتها مسؤولية انفصال جنوب السودان وما يجري في دارفور. وقال مساعد الرئيس السوداني إبراهيم غندور، إن حكومة بلاده جمدت كل الخلافات مع دولة الجنوب لمساعدة الجنوبيين على الخروج من الأزمة التي سببتها الصراعات الدامية هناك منذ نهاية العام الماضي. وجدد غندور التزام السودان باتفاقية الحريات الأربع مع جنوب السودان. وأضاف أن بلاده فتحت حدودها للجنوبيين الفارين من الحرب كما سمحت لرموز وقيادات جنوبية بالعودة والإقامة في الخرطوم. وأكد غندور أن موقف السودان من الأحداث في جنوب السودان حيادي، وأن بلاده لم تدعم أي طرف ضد الآخر. وكشف عن منع قوى خارجية، لم يسمها، السودان من التدخل لحل أزمة الجنوب، ورأى أنها لا تريد للخرطوم أن تنجح في حل هذه القضية. وشن هجوماً عنيفاً على الأممالمتحدة لوضعها الجنوب تحت الوصاية الدولية، معلناً رفض الحكومة لذلك واعتبرها إهانة كبرى لأفريقيا. من جهة أخرى، اتهم وزير الخارجية السوداني علي كرتي الإدارة الأميركية بضعف الإرادة السياسية وانقياد قادتها إلى مجموعات الضغط المعادية للسودان تلبيةً لمصالحهم بالفوز في الانتخابات، محملاً الإدارة الأميركية والغرب نتيجة انفصال الجنوب وما جرى في دارفور. وقال كرتي مجموعات الضغط لم ترد أن تحل مشكلة دارفور بأي حوار، وظلت تتبنى المجموعات الرافضة للحوار للاستمرار في الحرب لافتاً إلى أن واشنطن لا ترضى بأي شيء تفعله الخرطوم في دارفور وجنوب السودان. في سياق آخر، قال كرتي إنه أجرى حواراً صريحاً وجدياً مع نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد على هامش انعقاد المؤتمر الدولي لتتغير المناخي في أبو ظبي أخيراً، مبشراً بنتائج إيجابية في العلاقة بين البلدين تظهر قريباً، بعد مرحلة من الفتور. من جهة أخرى، عاد إلى الخرطوم القيادي المعارض في حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي بعد عامين أمضاهما في منفى اختياري خارج البلاد، مبدياً مرونة واضحة حيال التعامل مع الأوضاع السياسية. على صعيد آخر، أعلن وسطاء مجموعة دول شرق أفريقيا (إيغاد) أمس، أن رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت وزعيم المتمردين رياك مشار سيلتقيان غداً، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في محاولة لوقف الحرب الأهلية الدائرة في بلدهما، في حين أمرت حكومة الجنوب جيشها أمس، بوقف مهاجمة المتمردين لمدة شهر. وقال وزير الإعلام مايكل ماكوي إن التزام الحكومة باحترام «شهر من الهدوء» معناه أنها مستمرة في القتال إذا ما هوجمت. وقال وسطاء «إيغاد» في بيان أمس، إن «الاجتماع المهم سيساهم في وقف العنف وأعمال القتل في جنوب السودان»، ويشكل خطوة أساسية نحو إيجاد «حل سياسي شامل ودائم للأزمة». وأعلنت الخارجية الأميركية أن العقوبات التي فرضتها واشنطن على القائدين العسكريين الجنرال المتمرد بيتر قديت وقائد الحرس الجمهوري الرئاسي الجنرال ماريال تشانونغ، تشمل تجميد أصول الشخصين إضافةً إلى حظر أي تعاملات من جانب المؤسسات الأميركية والدولية معهما وحظراً على السفر إلى الولاياتالمتحدة، مشيرةً إلى إجراء مشاورات مع دول مجاورة عدة مثل إثيوبيا وأوغندا وكينيا لتطبيق تلك العقوبات وبحث سبل تحقيق السلام في جنوب السودان. وأكدت الخارجية أن واشنطن تتعاون مع الاتحاد الأوروبي بهدف تنسيق الجهود لوضع حد لأعمال العنف في جنوب السودان ستساهم في محاسبة من يعرقل جهود السلام والمسؤولين عن ارتكاب أعمال عنف ضد المدنيين. وفي سياق متصل، دافع الرئيس الأوغندي يوري موسفيني عن دعم بلاده العسكري للقوات الحكومية في جنوب السودان. وقال إن التدخل في جنوب السودان أتى استجابةً لدعوة تلقتها أوغندا من الحكومة الشرعية في جوبا، مضيفاً أن إحدى الطرق لمواجهة تغييرات غير الدستورية بالنسبة للحكومة المحاصَرة هي دعوة حكومة صديقة لتقديم الدعم.