أزمة عدم توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوم فتح الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي للبحث في قانون الانتخاب، بسبب انتهاء الدورة العادية للبرلمان اليوم، سادت المداولات التي أجريت على هامش الإفطار الرمضاني الذي أقامه رئيس الحكومة سعد الحريري ليل أول من أمس وحضره رئيس البرلمان نبيه بري، في خطوة نادرة له بحضور إفطارات السراي الحكومية الكبيرة ما أطلق موجة من التصفيق عند دخوله القاعة الكبرى فيها، حيث أقيم الإفطار، يرافقه الحريري ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وآخرون بعد أدائهم صلاة المغرب. وجرت مداولات إلى طاولة الإفطار الرئيسة حول أزمة المرسوم بقيت طي الكتمان. وتردد أن هناك جهوداً يبذلها رئيس الحكومة (الذي كان وقع المرسوم وأرسله إلى القصر الرئاسي) مع الرئيس عون لتوقيع المرسوم، كي يبقى البرلمان قادراً على العمل والتشريع بعد 31 الجاري، أي اليوم، وقبل انتهاء ولايته في 20 حزيران (يونيو). وفي هذا السياق عقد اجتماع بعد الإفطار في مكتب الحريري حضره نائب رئيس «حزب القوات اللبنانية» جورج عدوان، رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل ومدير مكتب الحريري نادر الحريري. وساد أجواء الوزراء والنواب والسياسيين الذي حضروا الإفطار انطباع بأن أزمة عدم توقيع عون مرسوم فتح الدورة الاستثنائية باتت العنوان الجديد لأزمة قانون الانتخاب «لأن الكيمياء بين رئيس الجمهورية وبين بري غير مستقيمة وأن تدهور علاقاتهما جعل مظاهر التحدي تزداد بينهما بفعل النكايات المتبادلة»، كما قال أكثر من وزير ونائب ل «الحياة». وأوضح أحد الوزراء أن عون يترك توقيع المرسوم إلى اللحظة التي يختارها، من باب الإيحاء بأنه هو من يقرر فتح الدورة الاستثنائية، وليس بري الذي استبق فتحها بالدعوة إلى جلسة في 5 حزيران، من دون أن تكون الدورة فتحت، في مقابل إصرار بري على عدم إبقاء الأمور إلى اللحظة الأخيرة مخافة التأخر في إقرار القانون الجديد وإيصال البلد إلى الفراغ النيابي بعد أن تنتهي ولاية النواب، لإبقاء إجراء الانتخابات النيابية في يد السلطة التنفيذية ورئيس الجمهورية. ولهذا السبب اعتبر في اجتهاد قانوني أن للبرلمان «ديناً» على السلطة التنفيذية هو مدة الشهر التي أجل عون اجتماعه خلالها. نقل النواب انتهى وبدا وزراء «التيار الحر» غير مستعجلين فتح الدورة الاستثنائية، حين سئلوا عن الموعد المرتقب لتوقيع المرسوم خلال الإفطار وقالوا: «بعد بكير». كما أن وزيراً من «التيار الحر» قال ل «الحياة» رداً على سؤال عما إذا كانت جلسة 5 حزيران ستعقد إنه «لا داعي للعجلة إذا كنا لم نتفق نهائياً على مشروع القانون الذي طرحه عدوان». ونفى الوزير نفسه أن تكون العقد المتبقية هي المتعلقة بنقل مقاعد مسيحية من طرابلس والبقاع الغربي وبيروت، مؤكدا أن «التيار» لم يطرح هذا المطلب، ومشيرا إلى أن «القوات اللبنانية» وراءه. كما نفى أن يكون طالب بتعديل دائرة زحلة بنقل قرى ذات أغلبية إسلامية إلى دائرة البقاع الغربي. وقالت مصادر معنية بالمداولات على مشروع عدوان ل «الحياة» إن «التيار الحر» لم يوافق نهائياً على مبدأ النسبية الكاملة في المشروع مطالباً بضوابط لها، وإن عدوان وسائر الفرقاء الذين وافقوا على المشروع ينتظرون توضيح المقصود بتلك الضوابط. وأكدت المصادر نفسها أن مطلب نقل مقاعد مسيحية من بعض الدوائر جرى تجاوزه ولم يعد مطروحاً. وفي المقابل قالت مصادر «القوات اللبنانية» ل«الحياة» إن معالجة أزمة توقيع عون مرسوم الدورة الاستثنائية تتطلب إخراجاً لتأكيد وجهة النظر بأنه الشريك الأول في إصداره، وأن الجهود التي تبذل هدفها استبعاد تأخيره حتى اللحظة الأخيرة. وأضافت أوساط أخرى أن عون لم يقل إنه لن يوقع المرسوم. ويترقب الوسط السياسي ما إذا كان الرئيس بري سيحضر الإفطار الرمضاني الذي يقيمه رئيس الجمهورية تقليدياً غروب غد في القصر الرئاسي، والذي ربما يكون مناسبة من أجل لقاء بينهما لمعالجة الخلاف على توقيع المرسوم وفتح الدورة الاستثنائية لإقرار القانون. كما أن مصادر نيابية وسياسية سألت ما إذا كان «حزب الله» سيبذل جهدا مع عون لاستعجاله توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية، الذي أيده الأمين العام للحزب في خطابه الأخير في 25 أيار (مايو) نظرا إلى أن التأخير يحمل مخاطر الوصول إلى الفراغ النيابي الذي يشكل رفضه خطاً أحمر بالنسبة إلى الحزب.