أنهى الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيارته الأولى لواشنطن منذ انتخاب الرئيس باراك أوباما، وانتقل إلى القاهرة أمس حاملاً التزامات أميركية بوقف الاستيطان والدفع بعملية السلام. وأكد عباس قبل مغادرته، أن لقاءه وأوباما كان «جدياً وصريحاً»، وأن مضيفه أكد له تصميمه على التوصل إلى حل الدولتين. وأشار عباس، في تصريحات الى «الحياة» بعد انتهاء اجتماعاته في البيت الأبيض، إلى أن المبعوث الأميركي جورج ميتشل سيتوجه السبت المقبل إلى المنطقة في جولته الرابعة منذ بداية السنة. واوضح ان الوثيقة السياسية التي قدمها الى أوباما «تهدف إلى مساعدته على إيجاد آلية لتنفيذ مبادرة السلام العربية ولا تخرج عنها»، مشدداً على رفضه أي «تغييرات أو تعديلات على نص المبادرة». ووصف عباس اجتماعه مع اوباما، والذي استمر ساعتين، بأنه «جدي وصريح». وقال: «يبدو أن الرئيس الأميركي مصمم على تنفيذ خريطة الطريق والتزاماتها المطلوبة من الطرفين، هذا ما قاله لنا وما قاله أيضاً (لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتانياهو». وعن اشتراطه وقف الاستيطان قبل استئناف المفاوضات، قال عباس إن «هذه ليست شروطاً، وانما التزامات على إسرائيل بموجب البند الأول في خريطة الطريق الذي ينص على وقف كامل للاستيطان». وأضاف: «نحن قمنا بالتزاماتنا، وعلى الإسرائيليين أن يقوموا بالتزاماتهم». وعن الجهود الأميركية لمتابعة عملية السلام، كشف الرئيس الفلسطيني أن ميتشل سيزور المنطقة السبت المقبل. وعلمت «الحياة» أن ميتشل حصل وفريقه على تأشيرات لزيارة سورية، وان زيارته المحتملة لدمشق قد تحصل بعد الانتخابات النيابية اللبنانية المقررة في 7 حزيران (يونيو) المقبل. ويُنتظر أن تعلن الخارجية الأميركية الأسبوع المقبل محطات الزيارة. وصعدت واشنطن لهجة مطالباتها بوقف الاستيطان أمس، إذ أكد مسؤول في الخارجية الأميركية ل «الحياة» أن «الحكومة الاسرائيلية التزمت العام 2002 بخريطة الطريق التي تنص صراحة على تجميد الاستيطان، بما فيه النمو الطبيعي». ورفض الحجج الإسرائيلية بأنه يجب السماح للمستوطنين بتوسيع أماكن سكنهم «لأسباب عائلية». وقال: «هذه ليست مسألة عائلة وأطفال. المسألة تتعلق بسياسات الحكومة الإسرائيلية الداعمة للنمو الاستيطاني، بما يتناقض تماماً مع التزاماتها في خريطة الطريق». ورأى الخبير السياسي في «فريق العمل لأجل فلسطين» غيث العمري أن التركيز الأميركي المبكر على موضوع المستوطنات وتكثيف الضغوط على اسرائيل يحقق هدفين، الأول هو إزالة المعضلة الأكبر أمام حل الدولتين والثاني هو تقوية السلطة الفلسطينية أمام الرأي العام الفلسطيني. وتوقع العمري الذي كان مستشاراً سابقاً لعباس وعلى اتصال مستمر مع مسؤولين في الإدارة الأميركية، «أن تقدم الحكومة الإسرائيلية تنازلات في هذا الملف مقابل سلسلة حوافز». وفي نيويورك، قال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ل «الحياة» إنه يتوقع أن يطرح أوباما في خطابه في القاهرة الخميس المقبل «إطار سلام، إنما ليس خطة مفصلة، لأن الخطة لا تزال رهن التشكيل والصياغة». وأضاف: «بطبيعة الأمور، فإن الرئيس يتوجه إلى الرأي العام الإسلامي والعربي الذي يهتم أساساً بالموضوع الفلسطيني، ولا بد من أن يكون لهذه القضية نصيب كبير من حديث الرئيس». وتابع: «أقرأ من توجهات الرئيس أوباما وما أُعلن وما رشح عن لقاءاته مع مسؤولين عرب ورئيس وزراء إسرائيل، أن هناك توجهاً جديداً فاعلاً يمكن أن يُساعد على إقرار السلام، سلام متوازن بالنسبة إلى الطرفين». وأشار إلى أن العودة إلى «عملية مدريد» التي أطلقت مسارات التفاوض الفلسطينية والسورية واللبنانية «المتوازية» مع إسرائيل «هي فكرة تتردد أيضاً في الكلام». وفي سياق موازٍ (ا ف ب)، اعتبرت حركة «حماس» أن لقاء عباس وأوباما لم يقدم أي جديد، بل جاء «مخيباً للأمال». وقال الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم في بيان إن اللقاء «لا يحمل أي جديد، بل جاء مخيباً للأمال، وتحديداً استعداد عباس التام لتطبيق خريطة الطريق التي رُفضت من كل الفصائل الفلسطينية». ورأى أن «تمنيات أوباما غير كافية، ولم تعد مجدية، لا سيما في ظل التصعيد الصهيوني المتواصل عبر الاغتيالات والاعتقالات ونهب الاراضي وإحكام الحصار». وأضاف: «لا نعول على مثل هذه اللقاءات التي لم ينتج منها أي ضغط على العدو الصهيوني لفك الحصار وإنهاء الاستيطان ووقف العدوان».