دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مستهل محادثات أجراها في القاهرة أمس، إلى اتخاذ إجراءات مشتركة مع مصر ضد الإرهاب، مقدماً تعازيه في ضحايا هجوم المنيا الأخير الذي قتل فيه مسلحون مجهولون نحو 30 مسيحياً كانوا قاصدين ديراً في الصحراء. وقال لافروف في بداية لقائه وزير الخارجية المصري سامح شكري، «أود أن أعرب عن تعازيّ في الهجوم، وأؤكد أنه من الضروري مكافحة هذا الشر معاً». وعقد شكري ولافروف جلسة محادثات موسعة بين وفديْ البلدين، أكد خلالها الوزيران الحرص على استئناف الطيران المباشر بين مصر وروسيا في أقرب فرصة ممكنة. وتوقفت حركة الطيران بين البلدين في أعقاب تفجير الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2015، ما أسفر عن مقتل أكثر من 220 من مستقليها. وتبنى تنظيم «داعش» التفجير. واستقبل وزير الدفاع المصري الفريق أول صدقي صبحي أمس نظيره الروسي سيرغي شويغو، وعقدا جلسة محادثات تناولت العلاقات الثنائية في المجال العسكري، كما استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الوزيرين الروسيين. وتأتي محادثات الوزيرين الروسيين في القاهرة ضمن اجتماعات صيغة «2+2» بين وزيري الخارجية والدفاع في البلدين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبو زيد إن المشاورات بدأت بترحيب شكري بنظيره الروسي، مؤكداً الطبيعة الخاصة لصيغة 2+2 التي تقيمها روسيا مع ست دول فقط من بينها مصر، وهي الدولة العربية الوحيدة التي تقيم روسيا معها هذه الصيغة، ما يعكس خصوصية العلاقات بين مصر وروسيا وعمق الشراكة بينهما في شتى المجالات. وجدد وزير الخارجية المصري التزام بلاده تعميق التشاور والتنسيق مع روسيا، لا سيما في ما يتعلق بالقضايا والأزمات الإقليمية في ظل تعقد المشهد الإقليمي، وهو ما يتطلب تضافر جهود القوى الدولية والإقليمية من أجل الخروج من المأزق الحالي. واستعرض شكري ملامح برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة المصرية، وما تم إنجازه حتى الآن من إجراءات اقتصادية غير مسبوقة، وأشار إلى ما يحظى به هذا البرنامج من دعم شعبي على رغم صعوبة الإجراءات التي تم اتخاذها حتى الآن. وأكد اهتمام مصر بتعزيز العلاقات الاقتصادية مع روسيا بشقيها التجاري والاستثماري. وأشار وزير خارجية روسيا إلى اتفاق عام 2009 للتعاون الاستراتيجي بين البلدين كأساس للعلاقات الثنائية، مشيراً إلى أهمية تحديث هذا الاتفاق وتعزيزه خلال المرحلة المقبلة ليعكس عمق واستراتيجية العلاقات بين البلدين. كما تناول الوزيران ملف أمن الطيران، حيث استعرض شكري الإجراءات والجهود التي قامت بها السلطات المصرية من أجل تعزيز أمن المطارات لتوفير الحماية الكاملة لمواطنيها ولكل ضيوف مصر، وفي مقدمهم السائحون الروس، وأكد الوزيران حرصهما على استئناف الطيران المباشر بين روسيا ومصر في أقرب فرصة ممكنة. وحول مواقف البلدين تجاه القضايا الإقليمية، استعرض وزير الخارجية جهود مصر المتواصلة مع كل الفرقاء في ليبيا بهدف تقريب وجهات النظر بينهم، وإحلال الأمن والاستقرار في الدولة الشقيقة، مشيراً إلى مركزية اتفاق الصخيرات ووجود توافق ليبي على أهمية إدخال بعض التعديلات على الاتفاق لتحقيق التوافق الوطني الكامل حوله. كما تطرقت المشاورات إلى تطورات الأزمة السورية، حيث أعرب شكري عن تقدير مصر للدور الروسي في إنجاح مسار الآستانة، وتطلع مصر لأن يؤدي هذا المسار إلى وقف شامل لإطلاق النار وتعزيز مسار المحادثات السياسية. وفي ما يتعلق باليمن، اتفق الجانبان على أهمية الحل السياسي، وضرورة تعزيز الجهود الإقليمية والدولية في هذا الاتجاه. كما تطرق الوزيران إلى القضية الفلسطينية والانخراط الأميركي الإيجابي لإحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، حيث أشار الوزير الروسي إلى أهمية تنشيط دور الرباعية الدولية مرة أخرى لدعم تلك الجهود. وقال المتحدث باسم الخارجية أن جهود محاربة الإرهاب استحوذت على جانب كبير من محادثات وزيريّ الخارجية، حيث قدم الوزير الروسي تعازيه في ضحايا الحادث الإرهابي الغاشم بالمنيا، معرباً عن ثقته في قدرة الدولة المصرية على التصدي لمثل هذه الأفعال الإرهابية التي لن تفلح في شق اصطفاف الشعب المصري في مواجهة الإرهاب، مجدداً دعم بلاده الكامل لمصر في مواجهة هذه الهجمة الإرهابية الشرسة. كما أشاد بالدور المصري في التصدي لظاهرة الإرهاب الدولي من خلال عضويتها بمجلس الأمن، وبخاصة بعد اعتماد الإطار الدولي الشامل لمكافحة الفكر المتطرف الذي قدمته مصر لمجلس الأمن أخيراً. وقدم شكري شرحاً للرؤية المصرية الشاملة لمحاربة الإرهاب وفقاً للخطاب الأخير للرئيس السيسي أمام قمة الرياض الأميركية- العربية- الإسلامية، مشيراً إلى ضرورة عدم الانسياق وراء مصطلحات مضللة وغير دقيقة مثل «التطرف العنيف»، باعتبار أن التطرف بكل روافده يمثل أساساً فكرياً لجميع الأعمال الإرهابية التي شهدتها أنحاء متفرقة من العالم أخيراً. وأضاف أن مصر عازمة على التصدي بقوة للجماعات الإرهابية. واستقبل الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط وزير الخارجية الروسي، وعبر أبو الغيط عن تطلعه لأن تلعب روسيا دوراً إيجابياً دافعاً لتحقيق التسوية السياسية المنشودة لأزمات الشرق الأوسط.