واصلت الشرطة البريطانية حملة الاعتقالات بحثاً عن متورطين في هجوم مانشستر ليل الاثنين الماضي. وألقت القبض على رجل في ضاحية موس سايد أمس، ليصبح الشخص العاشر الذي تحتجزه السلطات في ما يتعلق بالتفجير الانتحاري الذي أسفر عن 22 قتيلاً و116 جريحاً. وأفادت شرطة مانشستر في تغريدة على «تويتر»، بأنه يوجد حالياً ثمانية رجال قيد الاحتجاز بعد إطلاق سراح رجل وامرأة من دون اتهامات. ولفتت تقارير الى أن من بين أبرز المعتقلين، اسماعيل عبيدي (23 سنة)، وهو الشقيق الأكبر لانتحاري مانشستر سلمان عبيدي. وأوردت تقارير، أن الشرطة عثرت في منزل في منطقة ويغان جنوب مانشستر، على مواد استخدمت في صنع العبوة التي قال عضو الكونغرس الاميركي مايك ماكول، رئيس لجنة الأمن القومي في المجلس، أنها مشابهة للعبوات المستخدمة في تفجيرات لندن في 7 تموز (يوليو) 2005، وأيضاً في اعتداءات باريس وبروكسيل الأخيرة. وحذرت الشرطة من أن متواطئين آخرين مع منفذ اعتداء مانشستر قد يكونوا طليقين، كما أنه قد يكون هناك مزيد من المواد المستخدمة في صنع عبوات لم يتم ضبطها بعد. واستأنفت الشرطة البريطانية تبادل معلومات مع نظيرتها الأميركية، بعد تلقّي لندن تطمينات لجهة عدم تسريب معطيات التحقيق الى وسائل الإعلام، كما حصل في الأيام الماضية. وأكد وزير الأمن البريطاني بن والاس، في حديث الى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أن الشرطة واثقة من تقدّم التحقيق، وأنها في صدد محاولة تفكيك شبكة، باعتبار أن انتحاري مانشستر لم يتصرف بمفرده. لكن الوزير تجنب الرد مباشرة على سؤال حول معطيات تفيد بأن البحث جار عن عبوتين ناسفتين أخريين. ونفى وجود معلومات في شأن تهديدات محددة بعد هجوم مانشستر، خصوصاً خلال نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم في لندن اليوم، والذي سيتم نشر مصفحات للشرطة لحمايته. وقال وزير الأمن أن التقارير التي أفادت بأن السلطات أبلغت المستشفيات بالاستعداد لمطلع الأسبوع، تأتي في إطار رفع درجة الاستعداد الأمني في شكل عام، و»هذا ليس نتيجة تلقّي معلومات محددة». وأضاف: «هذا إجراء احترازي بالدرجة الأولى، لا يوجد تهديد محدد لحدث معين». وأضاف أيضاً، أن الشرطة على ثقة بالكشف عن شبكة من الأشخاص الضالعين في هجوم مانشستر، وأشار الى أن الحكومة تحتاج إلى أدوات لإجبار شركات مثل «فايسبوك»، على حذف المحتوى الخطر على الإنترنت في صورة أسرع. أتى ذلك في وقت أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية أمبر راد، أن التأهب الأمني في بريطانيا سيظل في أعلى مستوياته وهو «حرج»، ما يعني أن من المتوقع حصول هجوم قريباً، وذلك بعد أربعة أيام من التفجير الانتحاري في مانشستر. وقالت راد لشبكة «سكاي نيوز»، أن «المركز المشترك لتحليل الإرهاب قيّم أن مستوى الخطر لا بد أن يبقى عند حرج، فيما تستمر العمليات» المتعلقة بالتحقيق في اعتداء مانشستر. في غضون ذلك، أعلنت الشرطة أنها وجهت اتهامات الى ثلاثة رجال الخميس، في ما يتعلق بمخططات إرهابية في بريطانيا، غير تفجير مانشستر. وكان الثلاثة، وهم من سكان شرق لندن، اعتُقلوا الأسبوع الماضي، وهم: عمر أحمد حق (24 سنة) ومحمد عابد (27 سنة) وأبو طاهر مأمون (18 سنة). ويواجه موقوف رابع يدعى نديم إلياس باتيل (25 سنة) اتهامات مماثلة. على صعيد آخر، أظهر أول استطلاع تنشر نتائجه منذ اعتداء مانشستر، أن حزب العمال المعارض قلص تقدم حزب المحافظين بزعامة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، إلى خمس نقاط مئوية فقط قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات العامة. وفي مؤشر الى احتمال أن تشهد الانتخابات تنافساً أكبر مما كان يعتقد من قبل، أفادت مؤسسة «يوغوف» لاستطلاعات الرأي، أن حزب ماي حصل على 43 في المئة متراجعاً بنسبة واحد في المئة عن المعدل الذي سجله في استطلاع الأسبوع الماضي، في حين تقدم العمال ثلاث نقاط مئوية إلى 38 في المئة. وتقدم حزب ماي في استطلاع «يوغوف» السابق بفارق تسع نقاط. وكانت الاستطلاعات توقعت تحقيق «المحافظين» فوزاً كبيراً بعدما دعت ماي إلى انتخابات مبكرة في نيسان (أبريل) الماضي، لكن تقدم الحزب تراجع في الأيام التي سبقت الهجوم عندما اضطرت الى سحب اقتراح رئيسي لإصلاح نظام الرعاية الاجتماعية. والد عبيدي ينتمي إلى «القاعدة» أفادت شبكة «سكاي نيوز» بأن والد الانتحاري سلمان عبيدي ويدعى رمضان بوالقاسم العبيدي، كان أحد أعضاء «الجماعة المقاتلة» التي تعتبر الجناح الليبي لتنظيم «القاعدة». وأشارت إلى أن عبيدي الأب الذي عاد إلى طرابلس بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي، انضم إلى ما يعرف ب «حزب الأمة» الذي أسسه قيادي سابق في «الجماعة المقاتلة» التي لعب أعضاؤها دوراً مهماً في إسقاط النظام السابق ومازالوا يتمتعون بنفوذ عسكري كبير في العاصمة الليبية طرابلس. وأوردت الشبكة معلومات عن أن رمضان عبيدي يقيم علاقات قوية مع قادة المتشددين الذين يبسطون نفوذهم في العاصمة الليبية ويؤمنون حماية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج التي تحظى بدعم دولي. ويرد اسم رمضان عبيدي في سجلات جهاز أمن الدولة الليبي للمطلوبين في عهد نظام القذافي، وذلك باعتباره من عناصر تنظيم «القاعدة». ولفتت «سكاي نيوز» إلى أن عبيدي الأب كان من سكان منطقة قصر بن غشير في طرابلس، قبل لجوئه إلى بريطانيا برفقة زوجته في 1991. وأعلنت السلطات المحلية في طرابلس أنها اعتقلت رمضان عبيدي وابنه الأصغر هشام (20 سنة) في أعقاب تفجير مانشستر.