شدد كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان في عظة ألقاها امس، بعد ترؤسه قداس الميلاد عند الطوائف الأرمنية في كاتدرائية انطلياس (جبل لبنان)، على أن «لبنان وطن لجميع أبنائه، واللبنانيون كافة إلى أي طائفة أو تيار سياسي انتموا هم لبنانيون أصيلون ومتساوون ولا يحق لأي كان أن يشكك بلبنانية الآخر. ولنا ملء الثقة بأن الجميع من دون استثناء يطمح إلى لبنان الحر السيد المستقل المتمتع بالسلام والازدهار. لذا، على الجميع أن يعمل لتحقيق هذا الطموح. ويجب أن تتفوق لبنانيتنا على صداقتنا مع الآخرين الذين يبقون غرباء مهما بدوا أصدقاء، وواجب علينا أن نعتبر مصالح لبنان العليا فوق كل الاعتبارات أو الصداقات أو المصالح الخاصة». وحضر القداس الوزير جان أوغاسابيان ممثلاً رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة سعد الحريري، والنائب هاغوب بقرادونيان ممثلاً رئيس البرلمان نبيه بري، ووزراء وممثلون لأحزاب وهيئات وجمعيات أرمنية. وتوقف كيشيشيان عند الشعب الأرمني الذي «وعلى مدى العصور وعلى رغم المجازر والاضطهادات التي واجهناها في تاريخنا، بقينا أمناء للرسالة السماوية الموكلة إلينا ودفعنا دمنا من اجلها وسنبقى أوفياء لها لأنها رسالة المحبة والعدالة والوئام». وعن الأوضاع في لبنان، قال: «لبنان هو بلد التعايش ما يعني حياة مشتركة مبنية على القيم والمبادئ المشتركة ولا سيما المحبة المتبادلة والاحترام والمساواة والعدالة. هكذا كان لبنان ولا يمكن أن يكون غير ذلك. ونشكر ربنا لأننا لا نواجه في لبنان، ولن نواجه إن شاء الله، مشاكل ذات طابع ديني. أما في ما يخص الحساسيات السياسية فيجب علينا أن نواجهها ونتخطاها بالاحترام المتبادل والتفاهم متشبثين بخصوصيات بعضنا بعضاً وبمصالح لبنان العليا». وتوقف عند «التواجد المسيحي والشهادة المسيحية في الشرق الأوسط»، وقال: «الشرق الأوسط هو مهد المسيحية. يسوع ولد في فلسطين وهناك انجز رسالته ومن القدس أشع نور رسالته وانتشر إلى مختلف أنحاء العالم، وأضحى الإيمان المسيحي وشهادات المؤمنين المسيحيين من اهم ركائز تاريخ الشرق وحضارته وثقافته. استنكرنا ومرة أخرى نستنكر اشد الاستنكار الأعمال الإرهابية التي ترتكب في الآونة الأخيرة ضد المسيحيين في مصر كما في العراق أو سواه واستهدفت الكنائس المسيحية ومؤمنيها، المسيحية نشأت في هذه المنطقة، وعلى رغم كل الصعاب والتحديات ستبقى متجذرة في هذا الشرق وسيبقى التعايش الإسلامي - المسيحي المبني على المحبة والعدالة أولوية ملحة ليس فقط لمسيحيي الشرق إنما للمسلمين أيضاً، ولنا ملء الثقة بأن إخواننا من الطوائف الإسلامية يشاطروننا القناعة إياها، فمنذ قرون والتعايش الإسلامي - المسيحي في الشرق يشكل نموذجاً فريداً وسيبقى كذلك ضماناً للسلام والتقدم والازدهار في المنطقة».