«الشعبنة» مصطلح اجتماعي متعارف عليه بين سكان غرب السعودية، وهو موروث قديم ظهر في عهد دولة المماليك وظل متوارثاً ليومنا هذا، إذ يعد إحدى العادات المرتبطة بالمنطقة والتي تمارس في شهر شعبان تحديداً من كل عام، نوعاً من الاحتفال والترفيه عن النفس والاستعداد لشهر الصوم «رمضان» الذي تغتنم أوقاته في زيادة العبادة. وتحرص الأسر والأصدقاء في هذه المناسبة والاحتفال على التجمع في مكان محدد أو الذهاب في نزهة برية أو بحرية، بهدف الاستمتاع والترويح عن النفس، إضافة لتبادل الأحاديث. ويعود أصل كلمة «الشعبنة» إلى شهر «شعبان» الذي يسبق شهر رمضان المبارك بالسنة القمرية، في حين اقتصرت تلك العادة في الموروث الحجازي قديماً على اجتماع العائلة في منزل كبيرهم غالباً، ويكون ذلك في آخر جمعة من شهر شعبان، ويتم خلاله تناول العشاء بهدف زيادة الترابط الاجتماعي بين أفراد العائلة الواحدة، إضافة إلى تلقيهم التهاني بقدوم الشهر الكريم. وعلى رغم صمود تلك العادة الشهيرة في مدن الحجاز كافة واستمرارها ليومنا هذا، فإن مفاهيم تلك العادة والمورث الاجتماعي اختلفت مع اختلاف العصر الحديث، إذ لم تعد «الشعبنة» مقتصرة على أفراد العائلة أو تجمعاً لهم، بل أصبحت تشمل الأصدقاء من دون التقيد أو الالتزام بإقامتها في منزل كبير العائلة، إذ اعتاد الكثيرون في السنوات الأخيرة على إقامتها في الاستراحات أو المتنزهات أو صالات الاحتفالات، ويتم الترتيب لها في وقت مسبق، بينما بدأت احتفالات «الشعبنة» في السنوات الأخيرة لاسيما بين النساء تأخذ طابعاً آخر أشبه بحفلات الأعراس تدعى إليها جميع الأصدقاء والمعارف. وفي هذا السياق تقول نفين محمد وهي طالبة بالمرحلة الجامعة: «أحرص على إقامة حفلة للشعبنة سنوياً يتم الاتفاق على موعده مسبقاً مع صديقاتي، وغالباً يتم التنظيم لهذه الاحتفالية والتنسيق إليها بواسطة مجموعة في «واتسآب»، ويتم تقسيم الأعمال في ما بيننا وكذلك تكليفات الإعداد، فغالباً تقام حفلة الشعبنة بالقطة وتقسم كلفتها بالتساوي في ما بيننا». وبحسب نفين فإن التكاليف تشمل قيمة إيجار الاستراحة أو القاعة المتفق عليها لإقامة احتفالية الشعبنة، إضافة إلى كلفة الطعام وما يقدم للضيوف، وتحرص كل مشتركة في تلك الحفلة على دعوة صديقاتها وقريباتها، منوهة في الوقت ذاته إلى أن الحفلة أشبه بحفلة زفاف من حيث الترتيب والتنظيم وعدد المدعوات. وتتفق معها فوزية الثبيتي التي أشارت في حديثها ل«الحياة» إلى حرصها السنوي للمشاركة في حفلات الشعبنة، قائلة: «غالباً يتم الترتيب لها بفترة طويلة، تتجاوز من شهر إلى شهر ونصف الشهر، ويتم خلال تلك الفترة حجز القاعة وبقية مستلزمات الحفلة وتقسيم المبلغ بالتساوي». ولا تقتصر حفلات الشعبنة على الحفلات الكبرى، بل إن البعض من فتيات جدة يفضلن أن تكون مقتصرة في بيت إحداهن، أو أن تكون تنكرية والهدف من ذلك الترويح عن النفس، خصوصاً وأن روحانية شهر رمضان تجعل منه شهراً مختلفاً عن بقية شهور السنة. في حين تشير أمل الصالح إلى أنها تفضل حفلات الشعبنة البسيطة وذات الطابع المختلف كالحفلات التنكرية، وتقول: «لا أفضل الاشتراك في الحفلات الكبيرة والتي تتم دعوة عدد كبير من الفتيات لها، إذ أفضلها مقتصرة على الصديقات القريبات وفي منزل إحدى الصديقات».