توقّع خبراء ماليون خروج عدد من شركات الوساطة المالية من السوق السعودية خلال العام الحالي في ظل تراجع حجم السيولة بسوق الأسهم، الذي انعكس على ضعف قدرة هذه الشركات على الاستحواذ على نسبة من الحصص الكبرى التي تسيطر عليها شركات الاستثمار المملوكة للبنوك السعودية، إضافة إلى عدم قدرة بعض هذه الشركات على طرح منتجات جديدة تستقطب من خلالها أكبر شريحة من المستثمرين. وأكدوا ل «الحياة» أن الأزمة المالية كانت السبب الرئيسي في تردي عمل بعض هذه الشركات وخروج بعضها من السوق عقب انخفاض حجم المتعاملين والمستثمرين والمشتركين في الصناديق الاستثمارية بنحو 50 في المئة خلال السنوات الأربع الماضية، إضافة إلى تراجع حجم التداول. وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودية تركي فدعق، إن شركات الوساطة لا تتجاوب مع المتغيّرات التي تشهدها الأسواق العالمية، إذ إن الأنشطة الاستثمارية لبعض هذه الشركات غير مجدية وضعيفة، لافتاً إلى أنه خلال السنتين الماضيتين دخل عدد من الشركات التي كانت تعاني من دراسات غير جيدة وغير موضوعية وغير مهيأة للنجاح، متوقعاً أن يشهد العام الحالي منافسة كبيرة بين شركات الوساطة من خلال نوعية الخدمات التي ستقدمها. وتوقّع فدعق خروج الشركات التي عانت من مشكلات العام الماضي من السوق العام الحالي، أو أن تتجه الى إعادة هيكلة رأسمالها وأنشطتها حتى تستطيع البقاء في السوق. واتفق معه عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري، وقال إنه من المتوقّع أن يشهد العام الحالي خروج بعض شركات الوساطة ودخول شركات أخرى تمتلك منتجات جيدة ومميزة وفق دراسات جدوى استثمارية جيدة، ما يجعلها قادرة على استقطاب أكبر عدد من شرائح المستثمرين. وأكد أن الأزمة المالية كانت السبب الرئيسي في التأثير السلبي في شركات الوساطة وفي سوق الأسهم عموماً، إذ انخفض حجم المتعاملين والمستثمرين والمشتركين في الصناديق الاستثمارية بنحو 50 في المئة خلال السنوات الأربع الماضية، وتراجع حجم التداول بنحو 77 في المئة، ولذلك فإن جميع الخطط التي بنت عليها تلك الشركات أعمالها تغيّرت، ما أثر سلباً في أعمالها. ورجّح العمري تحسّن أداء السوق السعودية منتصف العام الحالي، ما سينعكس إيجابياً على تلك الشركات، ويتطلب ذلك طرح منتجات جديدة مميزة تستطيع من خلالها المنافسة والبقاء في السوق. من جهته، قال أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة، إن هناك عدداً من شركات الوساطة لم تستطع العمل في السوق عقب الأزمة المالية العالمية، ما تسبب في خروجها من السوق، في حين فرضت على أخرى غرامات من هيئة السوق المالية بسبب عدم التزامها باللوائح المحددة لها. متوقعاً أن تشهد المرحلة المقبلة خروج شركات أخرى في ظل تراجع عدد المتداولين في السوق وخروج عدد آخر. وعما إذا كانت السوق قادرة على استيعاب دخول شركات جديدة قال: «السوق لا تستوعب شركات جديدة، خصوصاً أن القائم منها يعاني من تراجع نشاطه، في ظل خروج المستثمرين من السوق وضعف السيولة»، لافتاً إلى أن بعض الشركات القائمة لا تملك إلا مكتباً صغيراً يعمل من خلاله عدد من الموظفين، ما يؤكد أن بعض شركات الوساطة في السوق السعودية لم يتم إنشاؤها وفق دراسات جدوى جيدة. وطالب بضرورة اندماج بعض هذه الشركات في شركة واحدة وإعادة هيكلة أعمالها، وتكوين كيانات اقتصادية كبيرة ومنافسة في السوق، حتى تستطيع استقطاب أكبر عدد من شرائح المستثمرين في السوق. من ناحيته، قال أحد العاملين في إحدى شركات الوساطة عبدالرحمن القحطاني، إن معظم شركات الوساطة لم تتمكّن حتى الآن من السيطرة على حصة كبيرة من السوق، لأن البنوك لديها عملاؤها المرتبطون بها وبخدماتها عندما كانت تتولى عمليات الوساطة في السنوات الماضية، مشيراً إلى أنه خلال الفترة الماضية تم إصدار تراخيص لعدد كبير من شركات الوساطة، لكن معظمها لا يزال غير مفعّل ولم يعمل حتى الآن، في الوقت الذي استطاع عدد محدود من تلك الشركات أن يعمل ويثبت وجوده. وتشير التوقعات الاقتصادية إلى أن العدد المحتمل لشركات الوساطة في المملكة سيبلغ خلال السنة الحالية 100 شركة مالية، تعمل في مجالات الوساطة الخمس المقررة من هيئة السوق المالية، منها 56 حصلت على تراخيص مزاولة العمل، فيما تنتظر بقية الشركات موافقة الجهات المختصة، ويبلغ حجم رؤوس الأموال التي تم ضخها في شركات الخدمات المالية التي تم الترخيص لها من الهيئة 8.75 بليون ريال.