اختطفتني مجموعة من طالبان على مقربة من كابول في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008، وبقيت رهين الاسر 7 أشهر، وبقي خبر احتجازي سراً لم يُذع بناء على طلب عائلتي. معظم الخبراء الاميركيين يستسيغون الابتعاد عن دائرة الأضواء وإبقاء خبر الاختطاف طي الكتمان حين التعامل مع مجموعات مسلحة، فتسليط وسائل الإعلام الضوء على قضية المختطَف تزيد توقعات الخاطفين وترفع سقف طلباتهم أو سقف الفدية. وحسِب الخاطفون أن في وسعهم المطالبة ب38 مليون دولار لقاء الإفراج عن ناشط فرنسي في مجال الإغاثة بأفغانستان، ولكن حسبانهم هذا لم يكن في محله، وهم كانوا أسرى عالم من الشائعات، ويريدون الحصول على مبالغ كبيرة. لم يكن اختطافي وسيلة لكسب أموال الفدية فحسب، بل كان وسيلة لزيادة هيبة الخاطفين في اوساط زعماء طالبان. والصمت (التعتيم الإعلامي) ساهم في الافراج عني، فهو قلص توقعات الخاطفين. وهم سجلوا شريطاً مصوراً يظهرني في الاسر، واشتكوا من إحجام وسائل الاعلام عن بثه. وبدا ان الامر أحبط توقعاتهم. ودرج الخاطفون على التوجه إليّ قائلين: «كل يوم يمر على أسرك هو ضربة سياسية كبيرة توجه الى الحكومة الاميركية». وكنت أجيبهم على أمل مفاقمة إحباطهم وارتكابهم اخطاء تكشف مكان احتجازي قائلاً: «اختطافي ليس قضية عامة في الولاياتالمتحدة». وغامرت بإغضاب الخاطفين، ولكني كنت أكرههم جراء ايلامهم عائلتي والمقربين مني، وأعتقد أن اغضابهم كان أفضل الخيارات السيئة المتاحة. يقال إن الصمت قد يؤدي الى نسيان المخطوفين، فهو لم يَحُلْ دون مقتل رهائن أميركيين في العراق، وهو ليس ضمانة لجري الامور على ما يرام، بل رهان في مواجهة جريمة. وفي بعض الدول الاوروبية، ينتظر الناس من الحكومة أن تبادر الى السعي في الافراج عن المخطوفين. وواقع الحال مختلف في كنداوالولاياتالمتحدة وبريطانيا، فحكومات هذه الدول لا تدفع فدية، ولا تفاوض على اطلاق سراح الرهائن، وأُسَر المخطوفين في الولاياتالمتحدة تحاول الكشف عن مصير ابنائها، وتأمل في أن يفرج الخاطفون عنهم. في الاحوال كلها، ليس في مقدور الحكومات أن تبذل شيئاً في أراضٍ خارجة على القانون، وفي حالة اختطافي، طلبت الولاياتالمتحدة من الجيش الباكستاني المساعدة لتحديد موقع احتجازي وبقية المخطوفين. من خطفني ينتمي الى مجموعة حقاني المقربة من بعض العسكر الباكستاني، ولكن لا يبدو أن الجيش الباكستاني ساهم في الافراج عني. حبذا لو تنتهج الحكومات نهجاً مشتركاً في مواجهة عمليات الخطف. يعود الفضل في تستر زملائي في المهنة على خبر اختطافي الى ال «نيويورك تايمز»، فعلى رغم أن منشورات إلكترونية نشرت خبر خطفي، لم تنشر كبرى وسائل الاعلام الخبر، وقناة «الجزيرة» لم تنشر الخبر، فثمة عرف عالمي يقول إن الصحافيين ليسوا وسيلة بروباغندا (دعاية سياسية)، وإن خطفهم جريمة. إنني أرى أن التزام الصمت حق يعود الى أُسر المخطوفين، فوحدها العائلات تقرر ما اذا كانت تريد تسليط الأضواء على خبر الاختطاف. * صحافي حائز جائزتي «بوليتزر»، عن «ليبيراسيون» الفرنسية، 29/12/2010، إعداد منال نحاس