لمناسبة الذكرى الثانية لتوليه منصبه اختار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند العودة إلى وضعية «الرئيس العادي» التي كان تعهد بأن تكون نهج حكمه. لذا، لجأ إلى إحياء هذه الذكرى من خلال صيغة غير مألوفة، تمثلت بمقابلة إذاعية رد خلالها وفي شكل مباشر على أسئلة وجهها إليه المستمعون عبر الهاتف. وبذلك، أراد هولاند التواصل مجدداً مع الفرنسيين والتحدث إليهم في شكل مباشر حول مشاكلهم وهواجسهم المتعددة، مراهناً على إمكان ردم الهوة الهائلة التي باتت قائمة بينه وبينهم وتجلت بالصفعة التي تلقتها الغالبية اليسارية الحاكمة في الانتخابات البلدية في آذار (مارس) الماضي، كما تجلت باستطلاعات الرأي التي أظهرت تدني شعبية هولاند إلى مستوى قياسي لا يتجاوز ال18 في المئة. وخلال المقابلة عمد هولاند ببساطة فائقة إلى الرد على المخاوف المختلفة التي سمعها من المواطنين بالنسبة إلى البطالة أو نظم التقاعد أو مشكلات الشباب والحرفيين وأيضاً أرباب العمل. ولم يقدم هولاند في إجاباته أي جديد، بل شرح الخطوات المتخذة لخفض البطالة والأعباء الضريبية على المؤسسات الإنتاجية، خصوصاً الصغيرة. وتعهد بتوفير أفضل الظروف للنمو وتعزيز قدرة فرنسا التنافسية، وذلك بدعم المؤسسات الإنتاجية، معتبراً أن هذا هو السبيل الوحيد لتحريك سوق العمل. كما جدد تمسكه بتأهيل الشباب الراغبين بالعمل في المجالات الحرفية ومساعدة العاطلين من العمل من خلال المواكبة والإعداد. ورد على المخاوف المتصلة بظاهرة الشباب «الجهاديين» الذين قال إن عددهم يتراوح بين 500 و600 شاب، وشرح الإجراءات المعتمدة لتطويق هذه الظاهرة والحؤول دون مغادرة أي شاب فرنسا، والتوجه إلى الخارج ل «الجهاد». وعلى رغم تعبيره عن ثقته بنهجه وبقرارات فريقه الحاكم، فإن هولاند اضطر رداً على أسئلة أحد الصحافيين، إلى الإقرار بصعوبة الواقع الذي يواجهه الفرنسيون في حياتهم المهنية واليومية. وقال إنه يتفهم نفاد صبر مواطنيه، لكنه دعاهم إلى التريث إلى حين انتهاء مدة ولايته الرئاسية عام 2017، معرباً عن ثقته بأن الأوضاع الاقتصادية ستتخذ منحى آخر، وأن الفرنسيين سيكافأون على جهودهم وذلك في إشارة إلى الأعباء الضريبية الجديدة التي تقدر بحوالى 30 بليون يورو. ولمّح إلى الاستحقاق الرئاسي في 2017 بالقول، إنه إذا فشل في تحقيق النمو وخفض البطالة وإنعاش الاقتصاد، «كيف سيكون بوسعي القول إن لدي الحل للفترة المقبلة؟». وأقر هولاند أيضاً بأنه ربما فاز بالرئاسة عام 2012 ليس بسبب براعة برنامجه، إنما «لأن سلفي (الرئيس السابق نيكولا ساركوزي) فشل». ولم تقنع مداخلة هولاند المعارضة اليمينية، لكن هدفها إقناع القواعد اليسارية التي سحبت تأييدها له بعد أن فقدت ثقتها بأسلوبه وبقدرته على الإصلاح والتغيير اللذين وعد بهما في بداية عهده.