واصل المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا لقاءاته أمس مع الوفود السورية المشاركة في مفاوضات جنيف، وسط ترحيب روسي بمبادرته الخاصة ب «إنشاء آلية تشاورية حول صياغة الدستور السوري الجديد». وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، الذي يشارك في فعاليات مفاوضات «جنيف 6» حول تسوية الأزمة السورية: «نرى أنها (مبادرة دي ميستورا) خطوة في الاتجاه الصحيح. المسائل المتعلقة بالدستور تعتبر موضوعاً يسمح لنا بالتعويل على دفع العملية السياسية إلى الأمام». وأكد الديبلوماسي وفق تصريحاته التي أوردتها قناة «روسيا اليوم»، أن استحداث مثل هذه الآلية لا يتعارض مع استمرار المناقشات حول «السلال الأربع» المتفق عليها لجدول أعمال المفاوضات في جنيف. وتابع قائلاً: «السلال الأربع ستبقى محورية. وكنا نقول دائماً إننا نولي اهتماماً أولياً لمسائل محاربة الإرهاب بالإضافة إلى موضوع الدستور. لكن إذا أردنا تحقيق تقدم إلى الأمام، فعلينا أن نبدأ من شيء ما». وأكد غاتيلوف أن روسيا متمسكة باقتراحها الخاص بإصدار قرار دولي دعماً لمشروع مناطق تخفيف التوتر في سورية. وذكر بأن روسيا قد قدمت مشروع قرار بهذا الشأن في مجلس الأمن، وستواصل طرح مقترحاتها بهذا الخصوص في سياق المشاورات الدولية. وكان دي ميستورا طرح على المشاركين في مفاوضات جنيف، إنشاء «آلية استشارية تقنية في شأن المسائل الدستورية والقانونية». وذكرت وكالة «إنترفاكس» الروسية أن آلية التشاور تهدف إلى دعم العملية (التفاوضية) السورية– السورية، تحت إشراف الأممالمتحدة، وستقوم بوظيفتها في جنيف، بما في ذلك خارج مواعيد المفاوضات. وأضافت أن دي ميستورا يرأس الآلية التشاورية مستعيناً بعدد من الخبراء، وتشمل الآلية مشاورات منفصلة يجريها مكتب المبعوث الخاص مع عدد من الخبراء القانونيين تسميهم الحكومة والمعارضة المشاركة في المحادثات السورية في جنيف». وأوضحت «إنترفاكس» أن «الآلية التشاورية ستنظر في القضايا الدستورية والقانونية على المستوى التقني، الذي يجب أن تأخذه الأطراف السورية في الاعتبار ومعالجتها في سياق المقترحات والمواقف التي يمكن أن يتم طرحها خلال الجلسات الرسمية (المحادثات)». وتنص خطة العمل، إضافة إلى ذلك، على أن تبدأ الآلية التشاورية اجتماعاتها في جنيف في شكل فوري أثناء الجولة الحالية. وفي سياق متصل، أكد الناطق باسم وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» سالم المسلط أن المعارضة لن تترك الجولة السادسة من محادثات جنيف في ظل توافر أفق لإيجاد حل لأزمة الشعب السوري. وقال المسلط إن «العالم بأسره يعلم القصة الحقيقية والمحزنة في شأن ما يجري في سورية، وكيف أن النظام يحارب خصومه من طريق أخذهم رهائن وقتلهم وحرقهم، نريد أن نرى نهاية لذلك». وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن وفد الحكومة برئاسة بشار الجعفري عقد جلسة محادثات جديدة مع دي ميستورا أمس، بعد جلستين أول من أمس، وهو اليوم الأول من الجولة السادسة من المفاوضات، مشيرة إلى أن الوفد عقد أيضاً أول من أمس جلسة محادثات مع غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي. في المقابل، قال يحيي العريضي مستشار «الهيئة العليا للمفاوضات» في المعارضة السورية إنه يشكك في إمكان إنشاء مناطق لوقف التصعيد في سورية «في ظل الانتهاكات المستمرة للهدنة» هناك. وقال العريضي إنه لا يعلم ما إذا كان موضوع مناطق وقف التصعيد سيطرح خلال محادثات المعارضة السورية مع غينادي غاتيلوف في جنيف، موضحاً أن موضوع وقف التصعيد يجب بحثه في إطار عملية آستانة، أما مفاوضات جنيف فإنها «مكرسة للمسار السياسي، وبخاصة الانتقال السياسي». وكرر العريضي التأكيد أن إيران «لا يمكن أن تكون دولة ضامنة» في إطار التسوية في سورية. وفي الإطار ذاته، أكد مسؤول في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» أن وفد المعارضة في جنيف «يسعى إلى تحرير سورية وإنقاذها من النظام وروسيا والميليشيات الإيرانية الطائفية»، وفق ما أورد «الإئتلاف» على موقعه الالكتروني. وقال عضو الهيئة السياسية في «الائتلاف» عقاب يحيى إن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «يخشى من مفاوضات جنيف التي تهدف إلى تحقيق عملية انتقال سياسي حقيقية»، مضيفاً أن «الأسد هو المعطل للعملية التفاوضية، من أجل التمسك بالسلطة»، متهماً حكومة دمشق ب «الإصرار على الحل الأمني العسكري». وأشار يحيى الذي يحضر المفاوضات بصفة مستشار، إلى أن وفد المعارضة يسعى عبر العملية التفاوضية إلى «التحرر من القوى الأجنبية (روسياوإيران)»، واعتبرهما «تمكّنان الأسد من ارتكاب جرائم الحرب وتعطيل الحل السياسي». وشدد عضو الهيئة السياسية ياسر الفرحان على أن النظام «يعتمد تماماً على أولئك الذين لا يكترثون لقرارات مجلس الأمن أو لإحلال السلام في سورية»، مؤكداً أن الميليشيات التي تقاتل إلى جانب النظام هي «ميليشيات إرهابية»، داعياً الأممالمتحدة إلى محاربتها، واعتبار إيران «دولة طائفية ترسم وتنفذ مشروعاً طائفياً في المنطقة، ويقوم على تغيير معتقدات الناس أو تهجيرهم لإحداث تغيير ديموغرافي»، وفق تصريحاته التي وزعتها الدائرة الإعلامية في «الائتلاف». إلى ذلك، كشفت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو ستجري قريباً اتصالات في «غاية الأهمية» مع عدد من الدول العربية حول تثبيت الهدنة في سورية، وفق ما أوردت قناة «روسيا اليوم». وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف: «نقيم اتصالات كثيفة مع الحكومة في دمشق، وبعض فصائل المعارضة العلمانية والمسلحة. ولكن ليس مع كافة الفصائل، ولذلك هناك حاجة لجهود شركائنا الأتراك والشركاء من دول الخليج». واستطرد قائلاً: «قريباً سنجري اتصالات مهمة للغاية مع بعض دول الخليج على مختلف المستويات، بما في ذلك على المستوى الرفيع». وأكد أن روسيا تبحث موضوع تبني مذكرة آستانة الخاصة بإقامة مناطق تخفيف التوتر في سورية كقرار دولي صادر عن مجلس الأمن الدولي. وأضاف: «يجب إجراء مشاورات... لقد اقترحنا مباشرة بعد صدور مذكرة آستانة، تثبيتها في مجلس الأمن، لكن كان لبعض شركائنا شكوك بهذا الشأن، على رغم أن (إصدار قرار دولي دعماً لمناطق تخفيف التوتر) أمر مفيد للغاية لتهذيب كافة الأطراف المعنية وحتى الأطراف غير المعنية التي لا تؤيد هذه العملية». وعبّر عن ثقته بأن الجهود المشتركة بالتنسيق بين الدول الضامنة ستساعد في «تهذيب الأطراف السورية»، كما جاء في تصريحاته التي نقلتها «روسيا اليوم» عن وكالة «تاس».