ما بين الأربعاء الأسود (ذكرى كارثة جدة) والأربعاء (أول من أمس)، الذي بدأت فيه الأمطار على عروس البحر الأحمر وتواصل هطولها حتى الآن، لم توفق هيئة الأرصاد وحماية البيئة للمرة الثانية في توقعاتها -بحسب تحذيرها الرسمي الأسبوع الماضي- لبدء موسم الأمطار الغزيرة على المحافظة الساحلية التي حددت لها أمس (الخميس). ومرة أخرى، فاجأت الأمطار (التي تسببت في إخلاء للمدارس وإرباك للحركة المرورية وشلل تام لها في الشوارع الرئيسة) جدة يوم «الأربعاء» وليس «الخميس»، كما أسهمت في زيادة العبء على رجال المرور والدفاع المدني وسيارات الهلال الأحمر التي واجهت صعوبة كبيرة في مباشرة بعض الحالات التي وصفها مدير الدفاع المدني في محافظة جدة العميد عبدالله جداوي ب «البسيطة» تمثلت في احتجازات والتماسات كهربائية. وبدا الأثر الأكبر لهذه الأمطار بشكل واضح على الحركة المرورية التي فاقمتها عمليات إخلاء المدارس، التي أكد بشأنها مدير إدارة المرور في محافظة جدة العميد محمد القحطاني أن خروج الطلاب مع أولياء أمورهم من المدارس أسهم في تعطيل الحركة المروية في الشوارع الرئيسة كافة، ما يطرح تساؤلاً كبيراً عن الآلية التي من خلالها تعتمد «الهيئة» وتبني عليها توقعاتها، الأمر الذي يربك حتى الجهات الأمنية والدفاع المدني الذي يبني تحركاته على ما يصله من تحذيرات الجهة المسؤولة عن الرصد المناخي في البلاد، بحسب تساؤلات أطلقها مديرو مدارس وأولياء أمور في جدة الذين طالبوا بإيقاف الدراسة إذا كان هناك توقع بهطول أمطار على جدة تقديراً لوضع بنيتها التحتية السيئة - على حد وصفهم-. في المقابل، دافع المتحدث الرسمي باسم هيئة الأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني عن موقف هيئته، ورد هذا الاتهام بأن كمية الأمطار التي هطلت «يوم الأربعاء» تعتبر «كمية بسيطة»، وقال ل «الحياة»: «إن الرئاسة توقعت أمس (الخميس) هطول أمطار غزيرة على المحافظة وبالفعل صدق توقعها»، وزاد: «إن تجمعات المياه التي حدثت أول من أمس (الأربعاء) خلقت نوعاً من الشعور بأنها أمطار غزيرة مع العلم أنها بسيطة، وهي ارتداد للأمطار الحاصلة في شمال السعودية ولم يصل معدلها إلى 24 مليمتراً وهو معدل يوصف لدينا بالبسيط عادة، حتى إن بعض الأجزاء الجنوبية من محافظة جدة لم تشهد أمطاراً غزيرة». ونفى القحطاني أن تكون الرئاسة تأخرت في إطلاق التحذير، مشيراً إلى أن الدفاع المدني تلقى تحذير الرئاسة خلال وقت مناسب وكان دقيقاً، إذ توقع هطول الأمطار الغزيرة على جدة «الخميس»، مضيفاً: «مجملاً نستطيع القول إن كميات الأمطار التي هطلت خلال اليومين الماضيين لا يمكن مقارنتها بكميات الأمطار التي هطلت على المحافظة قبل أكثر من عام من الآن، التي وصلت معدلاتها في بعض الأجزاء الشرقية إلى 90 مليمتراً، أما العام الحالي فلم تصل في أي حال من الأحوال إلى 40 مليمتراً، مستدركاً: «إن جدة تعرضت هذا العام إلى أمطار في أوقات متفرقة، أما العام الماضي فلم تهطل الأمطار إلا يوماً واحداً وبكميات مهولة». وطمأن المتحدث الرسمي باسم هيئة الأرصاد وحماية البيئة سكان المحافظة بأن الوضع سيكون يوم السبت أفضل، وتابع: «لا يوجد لدينا تحذير ليوم السبت إذ بإمكان الطلاب العودة إلى المدارس بشكل طبيعي، ولو استجد أي أمر مناخي سنبينه للناس من خلال إطلاق تحذير في حينه». وفي ما يتعلق بالسيول المنقولة إلى جدة، أشار القحطاني إلى أن الرئاسة لم ترصد هطول كميات كبيرة من الأمطار تفوق المعدل الطبيعي ولو حدث ذلك ستنبه إدارة الدفاع المدني بإمكان تشكل سيول، وهي بدورها ستأخذ الاحتياطات الكفيلة بحماية المناطق السكينة وغيرها.