تحاول إمارة دبي منذ نحو ثلاث سنوات، إحياء دورها التاريخي في تجارة اللؤلؤ الطبيعي والزراعي، فأسست بورصة عالمية لتداوله واستقطبت الشركات العالمية الكبرى، حتى باتت تحتضن مزادات عالمية للبيع والشراء، وتجاوزت قيمة تجارته فيها هذا العام 100 مليون درهم (نحو 28 مليون دولار)، على رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي كان متوقعاً أن تؤثر سلباً على هذه التجارة. وأكد الرئيس التنفيذي الأول لمركز دبي للسلع المتعددة احمد بن سليم في حوار مع «الحياة»، «أن الاتجاه نحو تجارة اللؤلؤ العالي الجودة انتعش في دبي، ما سلط الضوء على تحول في اتجاهات المستهلكين نحو تفضيل اللؤلؤ الخالص». وأشار إلى أن تجارة اللؤلؤ الطبيعي في دبي، شهدت نمواً تخطى عشرة أضعاف خلال السنوات الأخيرة، مدفوعاً بزيادة الواردات من استراليا والهند وتصديره إلى أسواق جديدة، مثل هونغ كونغ وسويسرا. وتعتبر «بورصة اللؤلؤ» إحدى المبادرات الاستراتيجية لحكومة دبي، التي أطلقتها بهدف تحويل الإمارة إلى منصة تداول متكاملة لتسهيل تجارة اللؤلؤ دولياً، بعد أن اندثرت مهنة الغوص المعروفة تاريخياً في دبي. ولفت بن سليم إلى أن مستويات تجارة اللؤلؤ في دبي ارتفعت خلال العام الماضي، وظهر ذلك في انخفاض الصادرات، مقارنة بالعام السابق، إضافة إلى النمو الكبير الذي شهده قطاع اللؤلؤ الطبيعي حيث ازدادت أحجام التداول بنسبة 50 في المئة والقيمة التجارية 3 أضعاف. وأضاف: «يشكل اللؤلؤ جزءاً مهماً من تاريخ المنطقة، وتعمل سلطة مركز دبي للسلع المتعددة على إعادة تنشيط تجارة اللؤلؤ العربية التقليدية التي شهدت ازدهاراً كبيراً في الماضي من خلال موانئ الإمارات». وارتفعت قيمة تجارة اللؤلؤ في دبي خلال السنوات الأخيرة بمعدل أربعة أضعاف، فقفزت عام 2008 إلى 95 مليون درهم، من 22 مليوناً عام 2007، وارتفعت عام 2009 إلى 99.6 مليون درهم. وشهدت أيضًا تجارة لؤلؤ «المزارع» ازدهاراً نظراً لواردات هذه السلعة من استراليا وسنغافورة، والصادرات التي استهدفت مجموعة من الأسواق المتنوعة مثل هونغ كونغ واليابان، وإسبانيا وتايلاند وتركيا، والمملكة المتحدة. وقال الرئيس التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة، إن إطلاق بورصة خاصة باللؤلؤ في دبي «شكل عاملاً مهمًا في تحديد ملامح تجارة اللؤلؤ في المنطقة، كما أن المبادرات والفعاليات الكبيرة، مثل منتدى اللؤلؤ العالمي الذي استضافته الإمارة العام الماضي، شجعت على مزيد من التعاون في قطاع تجارة اللؤلؤ العالمي، وعزز زخم هذه التجارة». وتراهن دبي على إمكانات كبيرة لتعزيز نمو هذه التجارة على الصعيديين الإقليمي والدولي، حيث انعكست التوجهات العالمية على مجمل مناطق الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية مع وجود مبادرات تبني اللآلئ الأكثر جودة مثل لآلئ تاهيتي بحر الجنوب، واللآلئ الطبيعية، وتحول في أفضليات المشترين من المجوهرات التقليدية والألماس إلى اللؤلؤ كخيار مفضل، لا سيما بعد ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية خلال العامين الماضيين نتيجة الأزمة المالية العالمية. وتراهن إمارة دبي على تاريخ منطقة الخليج التي اشتهرت قديماً في استخراج اللؤلؤ والاتجار به، حيث أن الواقع الاقتصادي الصعب يحتم البناء على مكامن القوة ومعالجة نقاط الضعف، ووضع خطط وإيجاد فرص أكثر وضوحاً بالنسبة لهذه السلعة. ومنذ انطلاقتها عام 2007 أسهمت «بورصة دبي للؤلؤ» بقوة في دعم تجارته في الإمارة، حيث أطلقت «مناقصة دبي للؤلؤ» بهدف إنشاء سوق نشطة، من خلال منصة التداول الخاصة بها، والقائمة على نظام العضوية. وسهّلت المناقصة مبيعات اللؤلؤ الخاصة، ما زوّد بعض المشترين بأكثر اللآلئ الطبيعية والمستنبتة، ندرة ورواجاً وجودة في العالم، حيث حققت مبيعات بأكثر من 3.5 مليون درهم قيمة البيع بالجملة، كما شهدت المناقصة تحقيق بعض القطع مبيعات فاقت قيمتها 150 ألف درهم. وتخطط البورصة لاستضافة اول مزاد تجاري للؤلؤ في المنطقة، إذ يجرى مثل هذه المزادات عادة في كل من هونغ كونغ أو اليابان. وأكد بن سليم أن ثلاثاً من شركات اللآلئ العالمية ستشارك في المزاد، من خلال عرض نخبة من اللآلىء البيضاء الحصرية التي استخرجتها من بحر الجنوب شركة لآلئ «باسبالي». وسيليه مباشرة مزاد يقام في منتصف الشهر المقبل أيضاً، يعرض مجموعة راقية من اللؤلؤ التاهيتي لشركة «روبرت وان»، وتشكيلة من لآلئ بحر الجنوب الذهبية من شركة «جولمِر».