الحديث مع شهاب نجار، قائد «وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونيّة لدى «سايبربول» Cyberpol (= البوليس الدولي للفضاء السيبراني الافتراضي) ممتع وشيّق. فنجار يعمل على نشر الوعي الإلكتروني بين الشباب عبر أشرطة فيديو يبثّها عبر «يوتيوب»، إضافة إلى تدريبه قرابة 3600 شاب خلال سنة على أساليب الوقاية الإلكترونيّة. وبمهنيّة متعمّقة وصريحة، لا يتردّد في التشديد على تأخّر الوعي الإلكتروني لدى معظم الحكومات العربيّة، خصوصاً في طرق الوقاية من الهجمات الرقميّة، وتقصيرها أيضاً في تدريب الأفراد عليها. وأشار شهاب في حديث إلى «الحياة»، إلى وجود «تشريعات تنظيميّة عالميّة في شأن الجرائم الإلكترونيّة، لكنها ما زالت في مرحلة التطوّر في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، مع الإشادة بأداء دولة الإمارات العربيّة في ذلك المجال. وبالتزامن مع تقدّم تقنيات المعلوماتيّة والاتصالات المتطوّرة، يظهر مزيد من عوامل التهديد التي تستهدف المؤسّسات والأفراد على حد سواء. ولذا، تؤدي زيادة الوعي حول الأمن الإلكتروني عبر ضخّ المعلومات والنصائح والإرشادات، دوراً مهماً في ضمان الحماية اللازمة على الإنترنت». مواجهة «داعش» إلكترونيّاً في معرض إجابته عن سؤال حول كيفيّة مواجهة «داعش» إلكترونيّاً، أشار النجار إلى وجود «تعاون كبير بين الجهات الأمنيّة في الدول كلها وجهاز ال «إنتربول» المختص بمكافحة الإرهاب على مواقع التواصل الاجتماعي. وهناك جهات أمنيّة أخرى مختصّة في ذلك المجال، وهي تراقب الاتصالات أيضاً». وكذلك أوضح أنّ أعضاء «داعش» ومناصريه يعمدون إلى التواجد في ما يعرف باسم «العالم السري للإنترنت». وهناك، يمكنهم الدخول إلى الإنترنت والتنقّل على مواقعها باستخدام أسماء وعناوين اتصال وهميّة. ويستفيدون أيضاً من عصابات إلكترونيّة متمرّسة تستطيع تصميم برامج مؤذيّة تتوافق مع طلبات من يدفع لها، بغض النظر عن الدين أو العرق. ومثلاً، يستطيع الإرهابيّون أن يطلبوا من العصابات برامج تقدر على تشفير الاتصالات بينهم (سواء تواصلوا عبر الكومبيوتر أو الهاتف الذكي)، أو برنامج لحماية مواقعهم من الاختراق، أو تحويل فيديو عادي إلى فيديو بتقنية عالية الجودة وغيرها. وفي أحيان كثيرة، تستخدم العملة الرقميّة الشهيرة «بيتكوين» Bitcoin لتجنّب استعمال حسابات مصرفيّة فعليّة تستطيع الجهات الشرعيّة تتبّعها وملاحقتها. وفي المقابل، «باتت لدينا حلولاً أمنية تستطيع سحب المعلومات الموجودة في «العالم السري للإنترنت»، لكن من الصعب تحديد هوية الأشخاص بدقة» وفق رأي الخبير الأمني. عن ترامب وروسيا أفاد شهاب بأن ال «سايبربول» أغلق في الآونة الأخيرة، 16 موقعاً إلكترونياً تنشر أفكاراً داعشيّة ومتطرفة، إضافة إلى 4560 حساباً على «فايسبوك» و2426 على «تويتر» و2330 على «تيليغرام» و46 قناة على «يوتيوب». وبيّن أن غالبية الدول العربيّة تلجأ إلى التوعية الأمنيّة بعد تعرضها إلى اختراقات إلكترونيّة، فيما يحاول ال «سايبربول» تغيير الوضع «ليكون التشديد على الاستعداد للهجمات الإلكترونيّة. وأضاف: «تستثمر السعودية مبالغ ضخمة في أمن المعلومات وتوظيف أصحاب الخبرة من السعوديين في مجال أمن المعلومات في المؤسسات الحكوميّة. وذلك هو ما نحاول دائماً الحديث عنه، بمعنى أن الوعي الأمني والموظف نفسه هو أساس أمن المعلومات في المؤسّسات الحكوميّة والخاصة على حدّ سواء». ولم يرَ شهاب بدّاً من التنبيه إلى أنّ الجرائم الإلكترونيّة في تطوّر مستمر، ما يفرض على الجهات الحكومية والأمنية في الدول العربيّة مواكبتها. وذكّر بأنّ مهاجمة الكومبيوتر باتت أمراً تقليدياً بالنسبة إلى ال «هاكرز» الذين تطوّر عملهم ليشمل اختراق التلفزيون الذكي أو السيّارات الحديثة التي تعتمد على تقنيات رقميّة أو حتى الثلاجة المنزليّة الذكيّة. وكذلك علّق على علاقة الانتخابات الأميركيّة الأخيرة مع ال «سوشال ميديا»، مشيراً إلى أن الأخيرة استخدِمَت عبر عمل منظّم شمل «بث ملايين التغريدات وال «بوستات» عبر حسابات وهمية لدعم دونالد ترامب، وتحسين صورته. وثبت أن قراصنة روساً كانوا وراء تلك الحملة الإلكترونيّة».