خيّمت على الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي تجرى اليوم دورتها الثانية، فضيحة تعرض البريد الإلكتروني للمرشح ايمانويل ماكرون لعملية قرصنة واسعة، ومسارعة القضاء إلى منع إعادة نشر رسائل تداولت مضمونها مواقع وصفحات تواصل اجتماعي. وبادرت حركة «إلى الأمام» التي يتزعمها ماكرون، إلى تكذيب محتوى بعض الرسائل واعتبارها ملفقة من مناصرين لحملة المرشحة مارين لوبن لتشويه صورة منافسها. وأعاد ذلك إلى الأذهان القرصنة التي تعرضت لها حملة هيلاري كلينتون في الانتخابات الأميركية واتهام روسيا بالوقوف وراء ذلك، واعتبار أن الرئيس دونالد ترامب استفاد من هذا الهجوم الالكتروني. وأضاف الخوف من نشر وثائق «مفبركة» لماكرون مزيداً من القلق على حملة انتخابية تتعرض لضغوط الإرهاب. وأشارت حركة «إلى الأمام»، في بيان، إلى نشر وثائق صحيحة بعد خلطها بأخرى مفبركة ل «زرع الشك والتضليل»، معتبرة ذلك محاولة «لزعزعة استقرار الانتخابات الرئاسية» على غرار ما حدث في الولاياتالمتحدة العام الماضي. وأكد موقع «ويكيليكس» المتخصص في «الفضائح الإلكترونية» حصول تسريب «كبير جداً» لرسائل بريد إلكتروني لحملة ماكرون، فيما دعت لجنة مراقبة حملات مرشحي الانتخابات الفرنسية وسائل الإعلام في البلاد وخارجها إلى الامتناع عن نشر البيانات التي سُرّبت، وحضتها على تحمل مسؤوليتها في وقت «تتعرض حرية التصويت وصدقيته للتهديد والخطر». وقررت النيابة العامة الباريسية فتح تحقيق في شكوى ماكرون ضد لوبن على خلفية اتهامه بأنه يملك حساباً مصرفياً سرياً في جزر باهاماس، وتناقل هذه التهمة على الإنترنت من جانب أوساط اليمين المتطرف. وتراجعت لوبن لاحقاً عن تبني التهمة ضد خصمها الوسطي. كذلك تعرضت مقار لحركة «إلى الأمام» الى هجمات في مناطق فرنسية منها مدينة ليون حيث ألقت مجموعة من أنصار اليمين المتطرف قنابل دخان في اتجاه مقر للحركة. ولم تسجل إصابات. على الصعيد الأمني، اتخذت احتياطات لتثبيت الاستقرار في أنحاء فرنسا خلال الانتخابات لاختيار الرئيس ال 25 للجمهورية الخامسة. وأعلنت بلدية باريس أنها ستضع مراكز الاقتراع في العاصمة وعددها 896 تحت رقابة مشددة من 1300 عنصر من شركات أمنية خاصة اختارتها وزارة الداخلية. واستعد الرئيس فرنسوا هولاند لمغادرة قصر الإليزيه بنهاية ولايته مساء الأحد. وأشارت آخر استطلاعات الرأي إلى أن ماكرون سيخلفه، خصوصاً في ظل إجماع أقطاب اليسار واليمين الجمهوري من مانويل فالز وناتالي كوسيسكو موريزي وجان بيار رافاران، على ضرورة التعبئة ضد منافسته زعيمة «الجبهة الوطنية». وكان لافتاً نشر صحيفة «ليبراسيون» على غلافها عنوان «افعلوا ما تريدون ولكن صوّتوا لماكرون». أما روجر كوهين معلق «نيويورك تايمز» الشهير فكتب في افتتاحيته: «ما يمكن أن يقوله الناخبون الفرنسيون الأحد (للعالم) لن تحصلوا على الكراهية»، مضيفاً: «اعتقد سيقولون ذلك وعندئذ على العالم أن يشكرهم». وثمة فوارق كبيرة بين ماكرون ولوبن، والأول يتحدر من مدينة اميان الشعبية والعمالية التي كانت معقلاً للشيوعيين، في حين أن لوبن من ضاحية سان كلو الباريسية، وهي منطقة غنية وبورجوازية. وماكرون من عائلة أطباء انتموا الى اليسار ودخل السياسة لاحقاً، في حين اهتمت لوبن بالسياسة منذ نعومة أظافرها كما تقول والدتها بييريت. وماكرون ليبرالي أوروبي عكس لوبن الرافضة لأوروبا والمتعلقة بشعار «السيادة أولاً»، وتدخل الدولة في الشأن الاقتصادي.