شهدت الأروقة السياسية في العراق، خلال الأيام القليلة الماضية، تحركات مفاجئة لشخصيات سياسية كانت مواقفها متباعدة، فبعد لقاء رئيسي الوزراء السابقين نوري المالكي وإياد علاوي، التقى الزعيم الشيعي مقتدى الصدر رئيس «التحالف الوطني» عمار الحكيم بعد فترة من القطيعة، فيما زار رئيس البرلمان سليم الجبوري الصدر في منزله بعدما كانت المعلومات تشير الى احتمال تحالفه مع المالكي. وبدت هذه اللقاءات مجرد مصالحات وجس نبض قبل الإنتخابات إذ غابت عنها البرامج التي اعتادوا إطلاقها في كل مناسبة، ولم تبلور تحالفات جديدة. من جهة أخرى، اعلنت القوات العراقية إطباق الحصار على «داعش» في الموصل، و»لم يعد أمام مسلحيه سوى القتال حتى الموت». وأكدت استعادة أكبر أحياء غرب المدينة، فيما استمر عبور النازحين نهر دجلة بكثافة. وقال الجبوري، خلال مؤتمر صحافي مع الصدر في النجف، أمس: «هناك لجنة خبراء لاختيار أعضاء جدد لمفوضية الإنتخابات». وأضاف: «جرى الحديث مع الصدر في الإصلاح السياسي وتعاون كل الأطراف لتفويت الفرصة على من يريد أن يودي بالعراق إلى حافة الهاوية». وتابع أن «عمل البرلمان ودوره خلال الفترة المقبلة كان أيضا محور الحديث، وهناك بعض التشريعات الأساسية المهمة التي يجب إنجازها، في مقدمها قانون الانتخابات». وشدد الصدر على «ضرورة المضي في مشروع الإصلاح السياسي وبناء مؤسسات الدولة على اساس الكفاءة والنزاهة». وقال، رداً على سؤال عن القوات الأميركية الموجودة في العراق إن «رئيس الوزراء نفى بقاءها»، وأكد «ضرورة تسلم الجيش العراقي زمام الأمور بعد داعش». ويأتي لقاء الصدر والجبوري قبل يومين من جلسة برلمانية يتوقع أن تقرر مصير مفوضية الإنتخابات التي يطالب الزعيم الشيعي بسحب الثقة منها بعد استجواب رئيسها الأسبوع الماضي. وكانت أوساط برلمانية تحدثت، خلال الشهور الأخيرة، عن تقارب بين المالكي، الخصم اللدود للصدر، والجبوري من جهة، والحكيم من جهة ثانية، في مقابل تقارب بين الصدر وعلاوي. لكن اجتماعاً عقده المالكي اول من امس مع علاوي بحثا خلاله في التحالفات السياسية والانتخابية دعا كل الأطراف كلها إلى إعادة حساباتها، خصوصاً أن علاوي خصم تقليدي للمالكي، ونادراً ما اجتمعا على موقف سياسي موحد. في المقابل، جاء لقاء الصدر والحكيم في منزل الأولأول من أمس، ليذيب الجليد بينهما، بعد رفض الصدر خطة «التسوية التاريخية» التي طرحها الحكيم، وطرح بدلاً منها مشروع «ما بعد داعش» وسعى الى حصد التأييد له. وتشكل اجتماعات الأيام الاخيرة مقدمة لحملات انتخابية باكرة، يحاول كل طرف فيها جس نبض اصدقائه وخصومه. في الموصل، أطبقت القوات العراقية الحصار على «داعش»، وخسر مسلحوه احد خطوطهم الدفاعية. وقال ضابط بارز ل «الحياة» ان «الإرهابيين باتوا محاصرين في شكل محكم في 10 مربعات سكنية بعد فتح الجبهة الشمالية». وأضاف: «قواتنا سيطرت على منطقة مشيرفة، أكبر احياء المدينة ويمثل العمق الدفاعي للتنظيم،، كما اقتحمت امس منطقة الهرمات التي تمثل حائط الصد الأساسي وهي جزء مما اطلق عليه التنظيم ارض الثبات وتضم أيضاً حيي الاصلاح الزراعي والصناعة اللذين تحولا الى جبهات مفتوحة». وتابع:»لم يعد أمام داعش اي مخرج، اذ تتمركز الشرطة الإتحادية جنوبالمدينة القديمة في احياء الدواسة والنبي شيت والعكيدات، وقوات مكافحة الارهاب تتمركز في احياء الثورة والعروبة والمطاحن غرباً، وقوات الرد السريع والفرقة المدرعة التاسعة شمالاً عند احياء الهرمات وحاوي الكنيسة ومقبرة وادي عكاب، ومن الجانب الشرقي نهر دجلة».