رأى زعماء المعارضة السودانية أن حكم الرئيس عمر البشير سيفقد شرعيته الدستورية والسياسية في حال اختار الجنوبيون الانفصال عبر الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب المقرر بعد أسبوعين، مما يتطلب تشكيل حكومة انتقالية. وفي حال رفض البشير ذلك فإن المعارضة «ستنخرط مباشرة في عمل سياسي هادف لإزالة النظام عبر وسائل النضال المدنية السلمية المجربة». وناقش رؤساء وممثلو «قوى الإجماع الوطني» اجتماعاً أمس ضم زعماء أحزاب الأمة الصادق المهدي والمؤتمر الشعبي» حسن الترابي والشيوعي محمد ابراهيم نقد تطورات الوضع السياسي الراهن في البلاد. ودعا قادة المعارضة الى «العمل الجاد لمنع نشوب حرب بين الشمال والجنوب مهما كانت الأسباب، والحل السلمي العادل والشامل المتفاوض عليه لأزمة دارفور بعيداً عن الخيارات العسكرية، وأساليب القمع»، و «إدانة الهجمة الشرسة على الحريات العامة والتي تجلت في خطاب البشير أخيراً في شرق البلاد»، و «الاعتداء الوحشي على جماهير وقيادات حزب الأمة « خلال موكب الجمعة الماضي، وانتقدوا «تشجيع تيارات الفتنة الدينية عبر الأصولية المتطرفة لإرهاب الخصوم والتي نصبت نفسها مسجلاً للأحزاب»، وإهانة النساء باسم الشريعة التي يعمل النظام لتوظيفها لتكريس الشمولية والاعتقالات التي طاولت ناشطي دارفور مؤخراً. وأكدت المعارضة في بيان أنها مع حق مواطني جنوب السودان في ممارسة حق تقرير مصيرهم في التاسع من كانون الثاني (يناير) المقبل عبر استفتاء حر ونزيه، ورأت أنه «إذا ما اختار شعب الجنوب الانفصال يكون نظام المؤتمر الوطني قد فقد شرعيته السياسية باعتباره المسؤول الأول عن هذا الحدث الجلل». وذكرت أنه إذا تمخضت نتيجة الاستفتاء عن انفصال الجنوب فإن قوى المعارضة ستدعو الى تشكيل حكومة انتقالية قومية تكون أولى مهماتها عقد مؤتمر دستوري لتحديد شكل دولة شمال السودان وكيفية حكمها والتصدي للقضايا الملحة وعلى رأسها أزمة دارفور، والأزمة المعيشية، والحريات، وإقامة علاقة استراتيجية بين دولتي شمال وجنوب السودان»، مشيرة الى انه في حال رفض مطلب عقد المؤتمر الدستوري فإنها «ستنخرط مباشرة في عمل سياسي هادف لإزالة النظام عبر وسائل النضال المدنية السلمية المجربة»، في تلميح الى انتفاضة شعبية. وقال الناطق باسم قوى المعارضة فاروق أبو عيسى في مؤتمر صحافي إن حكومة البشير ستفقد شرعيتها السياسية والدستورية في حال انفصال الجنوب لأن اتفاق السلام والدستور الانتقالي نصا على حكومة من طرفين: حزب «المؤتمر الوطني» و»الحركة الشعبية لتحرير السودان» وبالانفصال سيكون الأول غير مخول سياسياً ودستورياً لحكم البلاد مما يتطلب وضعاً دستورياً جديداً. الى ذلك اتهم رئيس حكومة إقليمجنوب السودان سلفاكير ميارديت، جهات معادية للسلام بالسعي الى تعطيل استفتاء تقرير مصير الجنوب وعرقلته بشتى السبل، مؤكداً أن الوحدة لم تعد ممكنة. وقال سلفاكير إن الوحدة قد تكون أمراً غير ممكن بعد إجراء الاستفتاء على مصير الجنوب، واتهم في تصريحات خلال احتفالات أعياد الميلاد في جنوب السودان- من سماهم أعداء السلام بالعمل ليل نهار من أجل عرقلة الاستفتاء، وبذل الجهد للتشكيك في نتائجه إذا ما أجري، ونزع المصداقية عنه. وذكر أن «جهات معادية» تريد عرقلة استفتاء الجنوب، و «تعمل ليل نهار لمنع إجرائه، مشيراً إلى أن هذه الجهات لن تستسلم وتسعى إلى استغلال أي أخطاء حتى لا تعترف بنتائجه، وزاد: «علينا إجراء استفتاء حر ونزيه وسلمي حتى يتم الاعتراف بنتائج الاستفتاء من قبل الجميع بينهم شركاء السلام حزب المؤتمر الوطني».. ودعا سلفاكير كافة المواطنين الجنوبيين للمشاركة في «إجراء استفتاء حر ونزيه لتفويت الفرصة على المتربصين»، مضيفاً: «هناك من يتحدثون عن الوحدة بين شمال السودان وجنوبه، لكنها أصبحت الآن غير ممكنة». لكن حزب المؤتمر الوطني الحاكم حمل شركائه في السلطة «الحركة الشعبية» مسؤولية انفصال الجنوب، واتهمها بالنكوص عن اتفاق السلام بتبني خيار الانفصال، ووصف برامج الأحزاب السياسية المعارضة ب «الفاشلة»، واتهمها بمد المتمردين السابقين في الجنوب بالجنود والكوادر للقتال في صفوفها، وفصل الجنوب. وقال مساعد الرئيس ونائبه في حزب المؤتمر الوطني نافع علي نافع، لدى مخاطبته مسؤولي حزبه في الولايات أن السودان الآن محط أنظار الأعداء والأصدقاء ، مؤكداً استعداد حكومته لمجابهة التحديات والأزمات التي تمر به ليصبح مؤهلاً ليس على نطاق الإقليم بل أوسع من ذلك. ودافع نافع عن حزبه، وبرأه من تحمل تبعات الانفصال، الذي قال انه أصبح اتجاهاً غالباً، مؤكداً انه ليس هناك من يستطيع أن يتطاول على حزبه وحكم البشير بأنه لم يفعل شيئاً للوحدة، «لأنه لولانا لذهب السودان كله». ورأى أن انفصال الجنوب لن يضعف الشمال بل إن الشمال سيكون أفضل عقب الانفصال، مؤكداً أن النفط لن يقصم ظهر اقتصاد البلاد، مشيراً الى أن النفط لا يتجاوز 16 في المئة من حجم الاقتصاد. وقلل نافع من برنامج المعارضة الذي يدعو الى انتفاضة شعبية لإطاحة حكم البشير واعتبره «حلم الجائع خبز»، وقال إن المعارضة عجزت عن تغيير النظام وكانت تستقوي بالجنوبيين ولم تفعل شيئاً. من جهة أخرى لوحت وزارة العدل باتخاذ إجراءات صارمة في مواجهة المتورطين بارتكاب جرائم حرب في دارفور فيما نفى وكيل وزارة العدل المدعي العام لجرائم دارفور عبد الدائم زمراوي أن تكون الحصانات سبباً في تعطيل إجراءات التحقيق أو المحاكمة.