دخلت الألوان بقوة في الحملة الانتخابية الإيرانية إذ أفاق الإيرانيون للمرة الأولى منذ الثورة الإسلامية عام 1979 على ألوان تلتف على زنود الشباب والشابات وتزين السيارات إضافة الى واجهات البنايات. وإذا كانت الانتخابات السابقة التي أجريت بمعدل دورة انتخابية في كل عام، تميزت بمعايير معينة فان الاستحقاق تميز هذه السنة بتلك الألوان المرفوعة من قبل الشباب والشابات على مفترق الطرقات في العاصمة الإيرانية. وما دام اللون البرتقالي الذي انتشر خلال السنوات الأخيرة في بعض البلدان محظور في إيران باعتباره يرمز الى الولاء للولايات المتحدة أو على الأقل ل «ثقافة مستوردة» فان الإيرانيين اتجهوا الى الألوان التي ترتبط بثقافتهم وتقاليدهم. فمناصري التيار الإصلاحي المويدين للمرشح مير حسين موسوي يرفعون اللون الأخضر الذي اصبح علامة بارزة لمناصريه ومكاتبه الانتخابية. ولا عجب إن تحول هذا اللون الى موضة حديثة زينت بها المحلات التي تبيع الحجاب في طهران سواء كان الجلباب أو ربطة الرأس أو الشال الذي يستفاد منه في الحجاب. وتفيد المعلومات ان المكاتب الانتخابية للتيار الإصلاحي وزعت الشال وربطات الحجاب ذات اللون الأخضر في شكل واسع على الشباب والشابات في العاصمة طهران وبقية المدن الكبرى. وظهر هذا اللون في المهرجان الانتخابي الذي حضره الرئيس السابق محمد خاتمي الأسبوع الماضي إذ توشح ما يقارب 12 ألف شاب وشابة باللون الأخضر دلالة على تأييدهم للمرشح موسوي الذي يحظي بدعم قوي من خاتمي. وفي تعليق له على هذه الظاهرة، وصف أحد أعضاء اللجنة المركزية لحزب «المؤتلفة» الإسلامي المحافظ ان اللون الأخضر يعطي الإشارة الخضراء للولايات المتحدة وأعداء إيران بالدخول الى البلاد. أما المرشح الإصلاحي الآخر مهدي كروبي فرفع مناصروه اللون الأصفر، فيما قال مدير الماكينة الانتخابية للرئيس محمود احمدي نجاد ان اللون المحبب لماكينته هو المحبة والمودة والتآخي في الألوان التي تجتمع في العلم الإيراني، لكن بعض مناصري الرئيس احمدي نجاد اتجهوا الى اللون الأحمر الذي يرمز الى اشهر الفرق الإيرانية لكرة القدم وهو فريق بيروزي الذي يعني «الانتصار». ويبقي المرشح الرابع محسن رضائي الذي لم تنشط ماكينته الانتخابية في شكل واسع فان مناصريه رفعوا اللون الأبيض الذي يدل على السلام. وفي زيارة لمكاتب المرشحين الأربعة فان مناصري نجاد وموسوي يتحدث كل منهم عن انتصار ساحق في الدورة الأولى من الانتخابات. وأنصار نجاد يذعنون الى ان أصوات العاصمة طهران وبعض المدن الكبيرة قد لا تكون لمصلحتهم، إلا انهم يؤكدون ان أصوات المدن الصغيرة والقرى والأرياف ستكون لمصلحتهم بسبب الزيارات التي قام بها نجاد الى هذه المناطق خلال السنوات الأربع الماضية و «الانجازات» التي حققها لهم خلال المدة المذكورة، فيما يري مناصرو موسوي ان الدورة الاولى من الانتخابات ستحسم الأمر لمصلحته معتمدين في ذالك على أصوات الاذريين الذين ينتسب إليهم وتراوح أصوات هؤلاء بين 7 و9 ملايين صوت كما يعتمد موسوي على سكان عدد من المحافظات الأخرى مثل خوزستان ذات الغالبية العربية فيما ستكون آراء الطلاب والجامعيين والنخب الثقافية والفكرية والمدن الكبيرة إضافة تستطيع ان تحسم الأمر في الجولة الأولى. ويراهن هؤلاء على المناظرات التلفزيونية بين المرشحين والتي تجرى خلال الأيام العشرة المقبلة خصوصاً تلك التي تجمع بين نجاد وموسوي لأنهم يعتقدون ان فترة الأيام الباقية ستكون لمصلحة الأخير على حساب الرئيس الحالي، ويتوقعون ان يحسم ذلك النتيجة في الدورة الأولى من الانتخابات. في المقابل، فان مناصري المرشحين مهدي كروبي ومحسن رضائي يتطلعون الى المرحلة الثانية من الانتخابات على رغم توقع الماكينة الانتخابية لكروبي ان تكون المنافسة في المرحلة الثانية بينه وبين موسوي. وسيبث التلفزيون الإيراني اعتباراً من اليوم الجمعة أفلاماً انتخابية منتجة من قبل كبار المخرجين الإيرانيين عن المرشحين الأربعة يبدأها الرئيس الحالي، وستقام المناظرات التلفزيونية بعد الانتهاء من بث هذه الأفلام الأسبوع المقبل وفق برنامج وضعته مؤسسة الإذاعة والتلفزيون يعتبر الأول من نوعه على صعيد المناظرات الانتخابية. وما يجمع كافة المرشحين ومناصريهم هو الأمل الذي يدور في الرؤوس والقلوب لدخول القصر الرئاسي في 12 حزيران (يونيو) المقبل.