تصاعدت حدة التوتر بين حركتي «فتح» و»حماس» وارتفعت نبرة الهجوم الاعلامي بين الطرفين والاتهامات المتبادلة بالتنصل من المصالحة. وفيما اتهمت «حماس» حركة «فتح» بأنها «تنفذ أجندة صهيونية أميركية إقليمية» أكدت رفضها التحاور معها قبل إطلاق معتقليها في سجن أريحا، فيما أعلنت «فتح» أنها تتجه نحو تغيير استراتيجيتها تجاه «حماس» والمصالحة. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» رئيس وفدها للحوار النائب عزام الأحمد إن الحركة «ستنتقل إلى إستراتيجية جديدة للتعامل مع ظاهرة الانقسام الفلسطيني ومع حركة حماس في شكل عام»، واعتبر الأحمد أن «حماس تحاول أن تجد المبررات لعدم عقد اجتماع جديد بين الحركتين قبل نهاية الشهر الجاري». وقال: «شددنا عليهم (حماس) أن تكون الجلسة المقبلة مسجلة بالصوت والصورة، وطورنا اقتراحنا بأن يتم بث الجلسة على الهواء مباشرة حتى يشاهد الرأي العام الفلسطيني والعربي ما يدور فيها، ويبقى الحكم للرأي العام حتى يكتشف من الذي يكذب ويخترع المبررات للتهرب». وذكر الاحمد ان حركته تتجه نحو «تغيير استراتيجتها» تجاه «حماس» وتجاه موضوع المصالحة. واتهم «حماس» بالتنصل من الحوار «خدمة لأجندات اقليمية». ورفض نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق الحوار مع «فتح» فيما هناك ستة معتقلين في سجن أريحا مضربون عن الطعام لليوم ال 28 لشعورهم بالظلم احتجاجاً على عدم تنفيذ قرار المحكمة العليا بإطلاق سراحهم. وتساءل أبو مرزوق في تصريحات ل «الحياة» عن «موقفنا أمام عائلات هؤلاء المعتقلين خصوصاً وأن بعضهم أصبح على شفير الموت (...) كيف نجلس مع الذين أمروا باعتقال هؤلاء بينما يجري الحديث عن مصالحة؟»، معتبراً أن «هناك تناقضاً صارخاً لا يمكن القبول به. ولن ننتظر أن يبدأ الحوار ويستمر ليفرج عن المعتقلين جثثاً». وكشف أبو مرزوق ل «الحياة» أنه اتصل مع عزام الأحمد وأبلغه موقفه بعدم إمكان عقد حوار ما لم يفرج عن المعتقلين الستة تنفيذاً للحكم القضائي باطلاق سراحهم. ونقل ابو مرزوق عن الأحمد قوله أن «هناك فريقاً في فتح لا يريد المصالحة». ووصف أبو مرزوق ما يجري في حق المعتقلين وخصوصاً في سجن أريحا بأنه «عمل إجرامي لا يمكن السكوت عنه». ورأى أن «هدف الاعتقالات التي تجري في الضفة الغربية لعناصر حماس هو الاعتراض على المصالحة» وتساءل «فهل أظل اطلع على هذا المشهد كمتفرج من دون اتخاذ أي موقف ونترك الامور تمر مرور الكرام فقط من اجل القول إن المصالحة تعلو على أي شيء؟ هذا غير مقبول خصوصاً أنهم في فتح يعرفون أن كل هذه الامور تعيق المصالحة التي تتعارض تماماً مع هذا النهج الذي يقومون به» وأضاف «هؤلاء (في اشارة إلى فريق في فتح) باختصار لا يريدون المصالحة». ونفى ان تكون هذه الاعتقالات في صفوف حركة «حماس» وكوادرها في الضفة رداً على اعتقالات لأبناء «فتح» وقال: «لا توجد اعتقالات لأبناء فتح في غزة. ونحن لا نريد أن يكون الرد على اعتقالات أبناء «حماس» في الضفة واستهداف عناصر المقاومة هناك باعتقالات مقابلة في قطاع غزة لعناصر فتح». واشار أبو مرزوق الى مشكلة داخلية لدى «فتح»، فهناك فريق فيها لا يريد المصالحة، ولفت الى أن هذا ما تم طرحه في اجتماعات المجلس الثوري لحركة فتح «وكان هناك فريق ضد الحوار»، داعياً الفريق الآخر الذي يدعم المصالحة إلى حسم أمره وقراره باتجاه المصالحة. ولفت أبو مرزوق إلى أن «حماس» تطرح الآن موضوعاً محدداً وهو «المضربون عن الطعام في أريحا الذين يتعرضون إلى الموت»، موضحاً أن «حماس» لم تطرح اطلاق سراح المعتقلين في سجون السلطة خلال الحوارات السابقة طبقاً للورقة المصرية التي أقرت اطلاق سراح المعتقلين فور التوقيع. واتهم القيادي في «حماس» رئيس وفدها لحوار دمشق النائب اسماعيل الأشقر في «فتح» بأنها « أصبحت تتخذ المصالحة ذريعة لتسوق نفسها بأنها الحريصة على مصلحة الشعب الفلسطيني وفي المقابل تنفذ أجندة إسرائيلية - أميركية - إقليمية غير وطنية وغير أخلاقية وغير إنسانية من خلال جرائمها المتواصلة في حق أبناء وكوادر حركة «حماس» والمقاومة في الضفة الغربية». واضاف ان «فتح تريد مصالحة بنكهة الاعتقالات السياسية وسحق حركة «حماس» في الضفة الغربية ومحاربة المقاومة والاعتداء على الحقوق والثوابت الفسليطينية، وهذا لن يكون». وقال: «نحن معنيون بإنهاء الانقسام في شكل حقيقي نظراً لما يمثله من ضعف للجبهة الداخلية الفلسطينية». ووصف تصريحات الأحمد بأنها «وصمة عار في جبين حركة فتح ودليل على أنها تنظر لحركة «حماس» على أنها العدو اللدود بدلاً من الاحتلال الصهيوني». وقال: «كنت أتمنى أن تنتهج فتح سياسة واستراتيجية جديدتين في تعاملها مع العدو الصهيوني وهو العدو الأوحد لشعبنا الفلسطيني». وإتهم الأشقر حركة «فتح» بأنها «فشلت في كل المجالات»، وأنها «إنحرفت عن مسارها بعد سقوطها في مستنقع التنسيق الأمني وانخراطها في مسار المفاوضات العبثية الفاشلة». وأعلن مجدداً ان «حماس» لن تجلس مع قيادات حركة «فتح» بسبب «ملاحقة أبناء حماس واعتقال النساء وانتهاك حرمة البيوت». من جهتها، اعتبرت «حركة الجهاد الإسلامي» أن «الاعتقال السياسي جريمة وطنية يتحمل مسؤوليتها كل من يمارسها». ودعا القيادي في «الجهاد» الشيخ خالد البطش الرئيس محمود عباس إلى «إصدار تعليماته بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين من أبناء الجهاد وحماس، خصوصاً أولئك المضربين عن الطعام». وحذر البطش من «سقوط المضربين عن الطعام شهداء في سجون السلطة، لا قدَّر الله». وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى ابو مرزوق أعلن اول من امس الغاء جلسة الحوار التي كان مقرراً عقدها بين وفدي الحركتين في العاصمة السورية في الخامس والعشرين من الشهر الجاري. وقال ان هذه الخطوة تأتي للضغط على حركة «فتح» من أجل اطلاق سراح معتقلين من اعضاء الحركة مضربين عن الطعام في سجون السلطة. وكانت «حماس» و»فتح» استأنفتا الحوار الوطني قبل عدة شهور، وأعلنتا تحقيق تقدم في بعض الملفات. غير ان الحوار سرعان ما انهار بسبب الاجراءات المتبادلة التي تقوم بها الحركتان ضد أنصار بعضهما البعض في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. ويرى مراقبون ان فرص تحقيق المصالحة تتضاءل بسبب حجم التناقضات بين الحركتين اللتين تتقاسمان حكم الاراضي الفلسطينية.