واصل المرشحان للرئاسة الفرنسية مارين لوبن (يمين متطرف) وإيمانويل ماكرون (وسط)، حملتهما الانتخابية. وسعى الأخير إلى جذب الممتنعين عن التصويت فيما سعت منافسته إلى كسب أصوات مؤيدي اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون واليميني فرانسوا فيون اللذين هزما في الدورة الأولى. وفي مقابلة أدلى بها إلى القناة الأولى في التلفزيون الفرنسي، قال ماكرون إن «الامتناع عن تحديد موقف» ورفض الاختيار بينه وبين لوبن «يسدي خدمة للأخيرة». وحذر من أن الفرنسيين أمامهم عرضين أحدهما «يمثل بديلاً ديموقراطياً» في إشارة إلى برنامجه، والثاني يقضي بالخروج من أوروبا ومن اليورو والتخلي عن الجمهورية وقيمها»، ما يستدعي «خياراً مسؤولاً». وعلى رغم توالي موقف التأييد لترشيحه من قبل شخصيات بارزة من اليسار واليمين، فإن منافسته من جانب زعيمة اليمين المتطرف على الرئاسة، لم تثر الصحوة الجمهورية التي أثارتها المنافسة عام 2002 بين الرئيس السابق جاك شيراك ومؤسس «الجبهة الوطنية» جان ماري لوبن والد المرشحة الحالية. في ذلك العام وقفت فرنسا كتلة واحدة وقطعت الطريق على لوبن الأب، ما أدى إلى فوز شيراك بولاية رئاسية ثانية بنسبة أصوات فاقت ال80 في المئة. هذه الصحوة لم تحدث اليوم لأسباب عدة، أبرزها تحول اليمين المتطرف إلى قوة لها موقعها على الخريطة السياسية وخروجها من التهميش بمساعدة اليمين في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي خاض رهاناً خاطئاً مفترضاً أن بإمكانه تقويض شعبية الجبهة الوطنية باستعارة مواقفها. ويجد ماكرون نفسه بالتالي أمام ضرورة إعادة التنبيه والتذكير بما يعنيه تولي لوبن للرئاسة من «عزلة وانغلاق وتأليب الفرنسيين ضد بعضهم بعضاً وفقاً لأصولهم وتدهور موقع البلاد ودورها في العالم». كما أن ماكرون مضطر لتعبئة أكبر نسبة ممكنة من الناخبين وتحقيق فوز ساحق على منافسته التي تتقن العزف على وتري الخوف والبؤس كما تتقن تأجيج المشاعر البدائية بالتلويح بما يهدد الهوية والسيادة. وفيما تشير استطلاعات إلى أن لوبن لن تحصل على أكثر من 40 في المئة من الأصوات في انتخابات 7 أيار (مايو) المقبل، يرفض البعض استبعاد إمكان فوزها فيما تصب جهدها لكسب ود ناخبي ميلانشون الذي أحجم عن الدعوة إلى التصويت لماكرون وبعض ناخبي فيون الذين لا يوجد تتطابق بين مبادئهم ومواقف مرشح الوسط. ومن هذا المنطلق تخاطب لوبن أنصار ميلانشون بلغة شبيهة بلغتهم بقولها إن ماكرون الذي سبق أن عمل في مصرف «روتشيلد»، «لن يتوانى عن تبديد مصالح البلاد لحساب الأوساط المالية الدولية، من دون أي اكتراث بمصير العمال». كما أنها تخاطب بعض مؤيدي فيون بنفس لغتهم بدعوتها «كل الوطنيين» لتأييدها لانه «بفضل حبنا لبلدنا سنسحق الانصياع والخيانة التي يتم السعي لفرضها على شعبنا». ولا يجاهر كثيرون من أنصار فيون بتأييدهم لوبن ضمناً، خشية تعرضهم لانتقادات، لكن أحاديثهم تبدو وكأنها تخفي رغبة في الانتقام من ماكرون باعتبار أنه أسهم في إقصاء مرشحهم بإزاحته إلى المرتبة الثالثة في الدورة الأولى للانتخابات الأحد الماضي.