تنحت مارين لوبن التي ستواجه مرشح الوسط إيمانويل ماكرون في الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة الفرنسية في 7 أيار (مايو) المقبل، عن رئاسة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف، في محاولة منها لتصوير نفسها باعتبارها في منزلة أعلى عن العالم الضيق لسياسات حزبها، وتوسيع قاعدة ناخبيها قبل الدورة الثانية الحاسمة. لكن مؤسس الحزب والدها جان مارين لوبن، اعتبر أن ابنته «كان يجب أن تكون أكثر شراسة خلال الدورة الأولى التي أجريت الأحد الماضي، وتقتدي بالرئيس الأميركي دونالد ترامب». وأضاف: «نفذت حملة متراخية جداً. ولو أنني في مكانها لقدت حملة مماثلة لترامب، أكثر انفتاحاً وقوية جداً ضد المسؤولين عن تدهور بلادنا، سواء انتموا إلى اليمين أو اليسار»، على رغم أن 7.5 مليون ناخب منحوا أصواتهم للوبن، في أكبر نتيجة حققها حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الذي تتزعمه في تاريخه. والأب وابنته على خلاف منذ أن بدأت مارين خطوات لتحسين صورة الحزب المرتكزة على رهاب الأجانب، فيما يدعو برنامجها إلى كبح الهجرة وتقليص حقوق المهاجرين الذين يعيشون في فرنسا، وطرد الأجانب الذين يُشتبه في صلتهم بالتشدد الإسلامي. ويتوقع أن تتمحور شعارات حول التحذير من أخطار العولمة والإرهاب والجهود الرامية إلى تصوير منافسها ماكرون باعتباره مرشح المؤسسة الفرنسية. وتحاول لوبن عبر هذه النقاط اجتذاب أصوات الناقمين في اليسار المتطرف واليمين المتطرف، في وقت يدرك حزبها انعدام فرصها في الفوز، إذ تمنحها الاستطلاعات نسبة 39 في المئة من الأصوات في مقابل 61 في المئة لماكرون. وحددت لوبان أفكار حملتها خلال ظهورها الإثنين في سوق بمدينة روفروي الصغيرة (شمال) التي تعاني من ارتفاع البطالة، وقالت: «ستكون الدورة الثانية استفتاءً ضد العولمة»، منددة بالتحالف «العفن» للسياسيين من التيارات الرئيسية ضدها. وأضافت: «أنا مقتنعة بأن غالبية الفرنسيين تعارض العولمة المستفحلة». واعتبر غايتان دوسوساي، رئيس جناح الشباب في «الجبهة الوطنية» والعضو في حملة لوبن، أن مؤيدي اليساري المتطرف جان لوك ميلانشون الذي حل رابعاً في الدورة الأولى بنسبة 19.64 في المئة من الأصوات، أصبحوا في المتناول بالنسبة إلى لوبن. وقال: «الهوة التي تفصل اليمين واليسار عفّى عليها الزمن، وباتت اليوم بين أنصار العولمة والوطنيين». ولا يستبعد محللون نيل لوبن تأييد ناخبين يمينيين تقلقهم قضايا الأمن والحدود المفتوحة في أوروبا. وقال إريك دو لا فوشاردير الذي يعمل مستشاراً في البرلمان، مشيراً إلى ماكرون، المستشار والوزير السابق في حكومة الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند: «حاربت هولاند خمس سنوات، ولا يمكن أن أؤيد وريثه، لذا أرفض الانصياع لدعوة فرانسوا فيون (اليميني المحافظ) ناخبيه إلى تأييد ماكرون». وكان فيون أعلن أنه سيتخلى عن أي دور حزبي رئيسي قبل الانتخابات الاشتراعية في حزيران (يونيو)، ولم يوضح ما إذا كان سيستمر نائباً في البرلمان. وقال لأعضاء في الحزب: «معركة الانتخابات الاشتراعية بين أيديكم الآن. لم أعد أملك صدقية للقتال إلى جانبكم، وسأصبح مجدداً ناشطاً حزبياً، وأفكر في حياة جديدة»، علماً أنه ما زال يخضع لتحقيق في شأن تبديد أموال عامة. إلى ذلك، أعلن جان بول دولوفوا، المسؤول عن ملف الانتخابات الاشتراعية في فريق ماكرون، أن «الفوضى الملموسة في أكبر حزبين فتحت المجال أمام حزب إلى الأمام» الذي أسسه ماكرون قبل سنة. وقال: «سيتفكك الحزب الاشتراكي الذي قد يكون له مرشحون متناحرون في بعض الدوائر، وسيشهد المحافظون شقاقاً بين الساعين إلى الانتقام وأولئك المستعدين للتعاون. أما نحن، فنملك مرشحين لهم صدقية في مجالات العلوم والأعمال الخيرية والرياضة والأعمال، وأكاديميين لم يفكروا أبداً سابقاً في دخول معترك السياسة عبر الأحزاب التقليدية».