تشرك الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أهالي محافظة بيشة اليوم (الأربعاء)، في تنفيذ برنامج التراث الحضاري، بالتنقيب في موقع العبلاء الأثري، الذي يعود إلى عصور ضاربة في التاريخ تعود إلى آلاف السنين، واشتهر قديماً بصفته مكاناً للتنقيب عن المعادن. وتسعى الهيئة بهذه الخطوة إلى زيادة عدد المواقع الأثرية القابلة للزيارة وتوثيقها عالمياً، وذلك ضمن برنامج «خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة»، بهدف «تعزيز الارتباط بين المواطن وموروث وطنه الحضاري، وتحقيق المعرفة، والتوعية بهذه المكونات، والاستفادة منها عبر مشاريع ملموسة على أرض الواقع». ويقع العبلاء على بُعد 60 كيلومتراً غرب مدينة بيشة، وورد ذكره في مصادر تاريخية على أنه «جبل أبيض يقع في بلاد أكلب في أعلى وادي رنية»، وأصبح الاسم يشمل ما جاور هذا الجبل من الأماكن الأثرية القديمة، وكانت فيها سوق جاهلية لا تزال آثارها موجودة، وتحيط به قرى متهدمة، وكان فيها منجم قديم. وتعد العبلاء أكبر مستوطنات التعدين في المملكة خلال فترة ما قبل الإسلام، وكان المنجم يحوي ثلاثة آبار منحوتة في قمة الجبل، يصل عمق إحداها إلى 80 متراً، وكانت تستخرج منها المعادن ولا تزال آثار الحرق والتعدين موجودة إلى اليوم. وعُثر في العبلاء على رحى عرضها متر وطولها كذلك، وتعرف ب«رحى أبوزيد الهلالي»، وبالقرب منها يوجد الكثير من المواقع التي فيها بقايا أثرية، مثل: هضبة البدرية، وهضبة الشنوع، وآثار أم القرى ابن النعاء. وتجري في هذا الموقع الأثري، الذي يعود تاريخه إلى عصر الفينيقيين، عمليات تنقيب يقوم بها فريق من هيئة السياحة والتراث الوطني، بحسب ما أعلنت في تغريدة عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وعثر الفريق على قطع فخارية وزجاجية وأحجار صابونية جلبت من موقع العبلاء، ويعود تاريخها إلى القرن الثالث الهجري. وكانت البعثات الأثرية المتخصصة التابعة لوكالة الآثار والمتاحف في وزارة التربية والتعليم أولت هذا الموقع أولوية خاصة من البحث والدراسة، بصفته نموذجاً لمواقع التعدين القديمة، وكشفت عن الكثير من منشآت التعدين والمناجم التي ظهر أنها استخدمت فترات محدودة، إضافة إلى دوره في النشاط الزراعي والتجاري للمنطقة من خلال موقعه.