يبدو أن الأمر سيزداد صعوبة على الأسرة السعودية لجهة العمالة المنزلية، فالسائقون في المدن الكبرى كسروا حاجز الألفي ريال، وهو حاجز كان حكراً على سائقي كبار الشخصيات، وهم غالباً من العرب الذين يمتلكون خبرة «اجتماعية» من مستوى معين. والعاملات المنزليات بتن قضية إعلامية اقتصادية معروفة. الحديث عن التغيّر أو التغيير، تبعاً للغة المدربين الذين «يظهرون» العمالقة من الأقزام، وقلت إن بعضنا يتوقّع أن النساء في إندونيسيا وسريلانكا وحتى الفيليبين سيبقين كما هن، وعلى الصورة التي يتذكرها في منزل والديه، على رغم أنه هو لم ولن يكون مثل والديه، والنقطة الجوهرية هي تطور المعرفة لدى العمالة، وتطور مجتمعاتها اقتصادياً أو اجتماعياً إلى مرحلة لا يمكن معها القبول بالعيش أو التفكير كما فعل أسلافهم قبل عقدين أو ثلاثة. سؤال صغير: لماذا الأسرة السعودية نفسها عندما تذهب للولايات المتحدة بسبب ابتعاث أحد الوالدين غالباً لا تحتاج إلى عمالة منزلية؟ السائق طبعاً تعرفون إجابته، أما العاملة فهناك تفاصيل حياة كثيرة تختلف، فالمرأة هناك تحمل غسيلها إلى مكائن تحت المبنى، وبسعر زهيد، وخلال ساعة واحدة، تحصل على ملابس نظيفة. نمط اللباس هناك يساعدها، وهنا لا يساعدها أبداً، وحاجتها لخدمات «المكوجي» نادرة جداً، وفي الحدود المعقولة، أما حدودنا فيكفي إلقاء نظرة على أي شارع تجاري، وبالمناسبة أتحدى من يجد لي شارعاً تجارياً في مدينة الرياض من دون مغسلة ملابس! وبدلاً من مرافقة دائمة لطفلها، تستطيع إيجاد جليسة أطفال ربما تكون جامعية أو طالبة دراسات عليا. وبدلاً من أشياء كثيرة يمكنها الحصول على أشياء بديلة أيسر وأقل كلفة، وهذا يندرج على «الأحواش» والحدائق وخلافها في منازلنا العامرة. حسناً، الفكرة إذاً في نمط العيش. لا يمكن أن نستمر هكذا، ونتوقّع أن يواصل العالم التكيّف معنا، وتواصل الحكومة الدفاع عنا، وتتوقف مكاتب الاستقدام عن ابتزازنا والضحك علينا، وتواصل وزارات العمل والعمالة في الدول التي نستقدم منها التفاوض معنا. إن تغيير ثقافتنا المعيشية لجهة الأكل والسكن، بل حتى الاستعراض بكثرة الملابس هو أولى خطواتنا لتقليص العمالة المنزلية، ثم لتطوير طبيعة العلاقة والتعاقد معها، وربما تغيير خريطة الأجور الفلكية. وفي ثنايا كل ذلك يجب أن ننظر بعين فاحصة إلى أبنائنا وبناتنا، وكيفية بناء ثقافتهم تجاه العمالة المنزلية، وهو البناء الذي صار جزءاً من حياتهم من دون وعي منا أو منهم. في دول كثيرة لا تجلب عاملة منزلية إلا أصحاب القصور و«الفيلات» الكبيرة، ونحن جزء من العالم، وإذا تعلمنا كيف نعيش فكرياً وعملياً، وتعلمنا أن نعمل ويعمل أبناؤنا في المنزل، سنجد أن كل هذه القضايا العالقة مع العمالة المنزلية تذوب. تطوير ثقافتنا وتغيير نمط عيشنا، سيحرج الكثيرين «ما ودكم نحرجهم». [email protected]