إليك أيها الملك العادل أرفع هذه الرسالة، مع فائق الإجلال والإكبار، وقصارى المأمول أن تحظى بالقبول ويقع عليها النظر الكريم... إنها من أحد أبنائك الذين أنعم الله عليهم في هذه البلاد المباركة، وأثّر فيهم غرسك وسقيك وثمرة جهدك، يحبك ويحسب لفرط حبه أنه أبر الناس بك، وأوفاهم لعهدك، ويرى حقاً عليه أن يشاطرك - بروحه، وقلبه، وقلمه - آلامك وأفراحك. تلك مشاعر وتهاني صادقة يسوقها إلى مقامكم الكريم ابن بار من أبناء هذا الوطن الغالي، بمناسبة شفائك، ولله الحمد والمنة. لما مرضت يا مليكنا، مرض الزمان، وانزاح كل نكس لما شوفيت وعوفيت ولله الحمد... كم أقلقنا العارض الصحي الذي أصابك يومئذٍ، فطارت القلوب معك خفاقة، تدعو الله سبحانه وتعالى أن يمن عليك بالشفاء العاجل، وترجع إلى وطنك ومواطنيك متمتعاً بموفور الصحة والعافية، فأصبح الشوق رهين كل قلب، وقرين كل صدر، شوقاً يزيد مع الأيام توقداً وتأججاً. هذه القلوب دعاؤها لك ليل نهار في ظهر الغيب يشق عنان السماء مع كل نبضة من نبضاتها، وما أصدق لغة القلوب. إن خبر نجاح العملية الجراحية التي أُجريت لكم في الولاياتالمتحدة الأميركية، أقر النواضر، وسر الخواطر، وشرح الصدور، فازدانت التهاني من خلال هذا الخبر مستبشرين، فيا لها من فرحة عامة، ويوم من أيامنا المشهودة. حقاً لقد أشرقت طلائع السعد بشفائك، وعم الفرح الجميع، فكان بحق خبر شفائك أجل بشارة لشعبك ومحبيك الذين يدعون الله تعالى أن يَمُن عليكم بالشفاء العاجل، وتعود إلى مملكتنا العزيزة وأنت في كامل الصحة والعافية. لا غرو في ذلك فلقد جبلت قلوبنا على حب ملك المكارم، وغيث المراحم، ونادرة الوجود كرماً وفضلاً، مع حب الوطن الأبدي فأصبح رباطاً من الولاء والحب الخالد الذي يضرب به الأمثال. سل الفؤاد عن ذلك الولاء، وذلك الحب الذي لا تزيده تعاقب الأيام والسنين إلا وثوقاً في العرى وقوة في الدعائم، فإن لسان حاله يقول: ملئت جوانحي! هل من مزيد؟ إن الله الذي رفع لك ذكرك سيكون بإذنه تعالى معيناً لك، لأنك أنت من يلوذ به الحق مستعصماً، ويفر منه الباطل ذليلاً. من مثلك يُعطي العهود، ويرعى الحدود، ويأسو الجراح. من مثلك جميل الفعال، كريم الشيم، عصي الإباء، بعيد الهمم. إذا افتخرت الأمم بالأفذاذ من رجالها حق لنا أن نفخر بك، وبحضورك القوي وحكمتك وشجاعتك في الحفاظ على المصالح الوطنية والدفاع عن القضايا الوطنية والعربية والإسلامية. إنك بحق رجل الحوار بامتياز كبير، فلقد جعلت من المملكة قبلة للشخصيات العالمية من قادة السياسة وأقطاب الفكر والإبداع. بل وتفتخر بك الإنسانية جمعاء، بأعمالك الخيرة التي سطعت آثارها في شتى أصقاع المعمورة، فكنت في كل مكان خير رمز لبلادنا وأحسن عنواناً لها. من الأعماق ندعو الله جلت قدرته أن يسرنا برجوعك سالماً معافى، وأن تكون هذه اللحظة دانية قريبة - إن شاء الله - وأن يَمُن عليك بموفور الصحة والعافية والسعادة وطول العمر، وأن يبارك جهودك لتحقق ما تصبو إليه من تقدم وازدهار، وأن يشد أزرك ولي عهدك، والنائب الثاني أنه ولي ذلك والقادر عليه. عبدالعزيز بن مسفر القعيب - الرياض [email protected]