تتحول ساحة السليمانية الواقعة في الجزء الغربي من المنطقة التاريخية وسط محافظة الطائف في يوم الجمعة من كل أسبوع إلى سوق وبازارات شعبية موقتة، اتخذت جوار السوق المركزي موقعاً لها. وبتنوع المعروضات تتشكل تلقائياً حلبة للصراع، فالسوق تخشى اندثار معروضاتها الحديثة، أمام عروض البازارات قليلة الجودة ورخيصة الثمن. وفي منطقة يملؤها عبق الورد الطائفي ونفحات البرد القارس تتشكل بازارات «السليمانية» مفترشةً قارعة الطريق، فتكوّن سوقاً لا يهدأ ضجيجها، وتتشبث تلك الساحة بمعروضات متواضعة غلبت عليها العشوائية بيد أنها شهدت إقبالاً ملحوظاً من المتسوقين، جلهم من العمالة الوافدة الذين يترددون على السوق الشعبي كل أسبوع للتبضع مما يجلبه السوق من ملابس للجنسين وأحذية، إلى جانب الأواني المنزلية التي يدير عمليات بيعها مجموعة من العمالة، إلى جانب رجال يوحي مظهرهم الخارجي عن سنين شداد غرست أنيابها على تجاعيد ملامحهم. ويشاطر الرجال في البيع نساء مسنات بمثابة «كاشيرات شعبيات»، تلتقط إحداهن رزقها من بيع «مرتجعات» الملابس، إذ تفد إلى السوق من الجمعيات الخيرية، ومحال الخياطة، ومغاسل الملابس، ليُضرب مزاد علني تصرف فيه الملابس على الباعة بأسعار متفاوتة. أم محمد تسلك طرقاً أخرى، فتلجأ مع بعض زميلاتها من البائعات إلى الجمعيات الخيرية مباشرة من دون المرور بالمزاد باعتبارهن مستحقات للمساعدة، ويتمكن من بيعه لاحقاً في السوق الشعبي، وتقول أم محمد: «أحقق هامشاً ربحياً لا بأس به، وأستطيع من خلاله مواجهة متطلبات المعيشة اليومية». أما مرتادو السوق فليسوا سواءً، فعندما تجبر قلة ذات اليد أحدهم على شراء بضائع السوق الرخيصة، لا يتقبل آخرون فكرة ارتداء ملابس «موتى»، محمد الثمالي يخاف من ارتداء بعض الملابس «فمعظمها تراكمت عليه الأوساخ، وربما تشبعت من الفيروسات الوبائية» ويسجل الثمالي ملاحظاته على السوق فهو «يفتقد النظافة، والتنظيم، ويغوص في حال من الفوضى التي شوهت الوجهة الحضارية للطائف كوجهة سياحية». بينما يشير إيهاب حمدي وهو من المترددين على السوق كل أسبوع أنه يجد ضالته في بازارات «السليمانية» كمقيم صاحب دخل محدود، ويقول:«أجد في أسواق «الرجيع» ملابس متوسطة الجودة، وأستطيع اقتناءها، بينما لا أتمكن من التبضع من أسواقٍ تعج ب «الماركات» العالمية عالية الجودة والثمن، ولا يستطيع غيري شراءها وسط موجة الغلاء العالمية». وتجنباً لرداءة الملابس واتساخها يقترح حمدي أن تتولى شركات متخصصة عمليات التنظيف والتعقيم والتغليف، «ذلك سيسهم إلى حد ٍ كبير في ارتفاع نسبة الزبائن لا سيما مع وجود الخامات الجيدة».