يبدو أن سرطان الثدي ينهش النساء في الوطن العربي (على راحته)، إذ تتضاعف نسبة الإصابة به عاماً تلو آخر من دون أن يشبع من التهام المصابات به، ومن دون أن يجد دواء يوقف زحفه. إذ كشفت المستشار الإقليمي للأمراض المزمنة في منظمة الصحة العالمية الدكتورة ابتهال الريفي أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي في الوطن العربي تتراوح ما بين 43 و46 في المئة، لافتة إلى أن المملكة تأتي رابعة بين دول الخليج في نسبة الإصابة بسرطان الثدي، فيما تحتل البحرين المرتبة الأولى تليها الكويت ثم قطر، متوقعة زيادة معدلات الإصابة لدى النساء نتيجة لتوافر عوامل الخطورة المسببة لهذا المرض، ومنها تناول عقاقير تحوي هرمونات والسمنة والتغذية غير السليمة، في الوقت الذي ارتفع فيه معدل أعمار المصابات إلى عمر ال 70 عاماً، بعد أن كانت المصابات يتوفين به سابقاً عند عمر ال 50، وهذا التحسن - بحسب الريفي - مرده تحديث الأجهزة التي تمكن اكتشاف المرض باكراً، وحرص النساء على المراجعات الدورية الطبية، كاحتراز وقائي. وأشادت الدكتورة الريفي خلال مشاركتها في ورش العمل والندوة الطبية عن سرطان الثدي التي نظمتها جمعية السرطان السعودية في المنطقة الشرقية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية أخيراً في الخبر بحضور استشاريين واختصاصيين من دول الخليج كافة وقرابة 150 طبيباً وطبيبة، بالدور الكبير للمملكة في مجال مراكز الأبحاث وبيئة العلاج والتوعية بأمراض السرطان، والذي يعمل عليه مؤسسات حكومية وجمعيات خيرية «أحدثت قفزة واضحة وتحسناً ملحوظاً في مكافحة هذه الأمراض»، مشيرة إلى توقيع اتفاق بين منظمة الصحة العالمية وجمعية السرطان السعودية بالمنطقة الشرقية والاتحاد الخليجي للسرطان من أجل إقامة جلسات للكشف المبكر وورش عمل وندوات طبية لزيادة التوعية حول السرطان في الدول الفقيرة والنامية إضافة إلى تفعيل هذه البرامج في المملكة. وفي ما يتعلق بالأمراض المزمنة، أوضحت الدكتورة الريفي انه «بحسب الإحصاءات الأخيرة التي أجريت بناء على منهجية معتمدة من منظمة الصحة العالمية، أثبتت أن نسبة انتشار ضغط الدم في المملكة تبلغ 27 في المئة، وهو ما يشير إلى إصابة ربع السكان بهذا المرض، فيما تصل نسبة الكولسترول إلى ما يقارب 40 في المئة، في الوقت الذي يأتي التدخين بالمملكة ما بين 20 و30 في المئة عند البالغين، مؤكدة أن منظمة الصحة العالمية تعمل مع الجهات المعنية بالمملكة على وضع برامج تقلل من هذه النسب المخيفة، مع التركيز على التوعية والوقاية بالتعاون مع وزارة الصحة». من جهة أخرى، أفاد رئيس الندوة الطبية وورش العمل الدكتور ابراهيم الشنيبر رئيس الأقسام الجراحية في مستشفى القوات المسلحة بالظهران بأن هذه الفعاليات حظيت بمشاركة نخبة من الأطباء والاستشاريين في دول الخليج المتحدثين في سرطان الثدي «الذي يعد أكثر الأمراض السرطانية شيوعاً في المملكة ويمثل نسبة 24 في المئة من سرطانات النساء»، مبيناً ان الأطباء المشاركين «استعرضوا خبراتهم في هذا المجال، وكيفية تعامل دولهم مع الجانب التوعوي والعلاجي حيث تتضمن الجلسات الطبية ورشة عمل لأطباء العناية الأولية، يتم خلالها التدريس اليدوي المباشر للأطباء المشاركين على أشعة الثدي وفحص علامات سرطان الثدي على يد خبراء استشاريين في الجراحة». فيما تمنت استشارية أشعة الثدي في مستشفى الملك فهد التخصصي الدكتورة نور النعيمي أن تشهد الفترة الحالية خطوة جديدة أكثر فعالية من مجرد توعية الأفراد، مرجعة ذلك إلى أن «السنوات الأربع الماضية تضمنت توعية كبيرة جاءت بثمارها ونتائجها الايجابية في المجتمع، وهو الذي يتطلب الانتقال الآن إلى مرحلة أخرى أكثر فعالية تتعلق بتثقيف الأطباء في هذا المجال وتحسين آلية العلاج». من جهته، أشار رئيس مجلس إدارة جمعية السرطان السعودية في المنطقة الشرقية عبدالعزيز التركي إلى وجود برامج واتفاقات مشتركة تربطهم مع منظمة الصحة العالمية والاتحاد الخليجي لمكافحة السرطان بهدف نشر الوعي بهذا المجال في الدول النامية والفقيرة من خلال عملية الكشف عن أمراض السرطان وتنظيم ورش عمل وندوات طبية بحكم خبرة الجمعية ونجاحها في برامج التوعية بالمنطقة الشرقية، مشيراً إلى أن أولى هذه الزيارات كانت لدولة المالديف أخيراً «وسيتبعها دول أخرى تحتاج إلى التوعية ومكافحة هذا المرض»، وأفاد التركي بأن الجمعية تطمح بالتعاون مع الاتحاد الخليجي لمكافحة السرطان إلى إقامة برنامج متكامل في هذا المجال يتم تفعيله في كل دول الخليج،.