خرج آلاف الفلسطينيين، من القوى والفصائل المختلفة «إلى الشوارع والميادين العامة أمس لدعم الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي الذين بدأوا اضرابهم المفتوح عن الطعام مطالبين بتحسين شروط حياتهم، وفي مقدمها الاتصال هاتفياً مع عائلاتهم والسماح لجميع أفراد العائلة بزيارتهم مرتين شهرياً، والسماح لهم بالانتساب إلى الجامعات. وأكدت اللجنة الإعلامية لإضراب «الحرية والكرامة» أن حوالى 1500 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال شرعوا في الإضراب الجماعي المفتوح عن الطعام. وشهدت المدن الرئيسة في الضفة الغربية وقطاع غزة مسيرات وتظاهرات شعبية واسعة تضامناً مع الاسرى، شارك فيها جمهور واسع وأعضاء قيادة منظمة التحرير والفصائل بما فيها حركتا «حماس» و «الجهاد الإسلامي». ووجه الرئيس محمود عباس التحية الى الأسرى المضربين عن الطعام، مجدداً التأكيد على مواصلة العمل حتى الإفراج عنهم ووقف معاناتهم «باعتبارهم القضية المركزية الحاضرة بشكل دائم للشعب الفلسطيني وقيادته». ودعا عباس في بيان نشرته وكالة «وفا» الرسمية، المجتمع الدولي إلى «سرعة التدخل لإنقاذ حياة الأسرى الفلسطينيين». وحذر من تفاقم الأوضاع في ظل ما قال إنه «تعنت الحكومة الإسرائيلية ورفضها الاستجابة للمطالب الإنسانية العادلة للأسرى، وفقاً لما نصت عليه الاتفاقات والمواثيق الدولية، خصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة». وأعلن رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله أن «الحكومة تعمل على كل المسارات لإعطاء قضية الأسرى الزخم والدعم الحقوقي والدولي الذي تستحق، للوصول بمعاناتهم وأبناء شعبنا إلى أبعد مكان في هذه الارض، لضمان إنهاء الاحتلال وكسر قيوده والإفراج عنهم من دون قيد أو شرط». وقال في كلمة مقتضبة بثها تلفزيون «فلسطين»: «في هذا اليوم الذي يتجدد فيه شعورنا بآلام الأسرى وقساوة الاحتلال، كما شعورنا بالفخر والاعتزاز بصمود الحركة الاسيرة وتضحياتها، نقف قيادة وشعباً موحدين خلفكم، ونرفع رأسنا عالياً أمام معركة الحرية التي تخوضونها بقيادة المناضل مروان البرغوثي وإخوانه من فصائل العمل الوطني والإسلامي، دفاعاً عن حريتكم وحقوقكم وكرامتكم». ودعا «شعبنا والفعاليات والمؤسسات الوطنية إلى مزيد من التضامن حتى نصل برسالة الأسرى إلى أصقاع العالم، وندفع معاً وسوياً باتجاه أوسع تحرك دولي وشعبي ورسمي للوقوف معهم في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الحركة الأسيرة». ونفت فدوى زوجة البرغوثي ادعاءات سلطات الاحتلال بأن مروان يقود هذا الإضراب لتحسين مكانته السياسية في الشارع الفلسطيني، إثر عدم تعيينه في موقع نائب رئيس حركة «فتح» في الانتخابات الأخيرة للحركة، وقالت ل «الحياة»: «بدأ التحضير لهذا الإضراب في آب (اغسطس) العام الماضي قبل انعقاد مؤتمر فتح وقبل إجراء انتخابات اللجنة المركزية». واضافت: «قرر قادة الأسرى، في حينه، توجيه رسائل لإدارة السجون، مطالبين بتحسين شروط حياتهم في الاسر، ولو استجابت السلطات لهذه المطالب، لما كان هناك إضراب». وقال الياس الصباغ، محامي البرغوثي، وكان زاره في سجنه قبل يوم من الإضراب، إن «فتح» تقود الإضراب لأن غالبية الأسرى تنتمي إلى الحركة. وأضاف: «يوجد في سجون الاحتلال 6500 فلسطيني، منهم 3000 ينتمون إلى فتح، و2000 إلى حماس، و500 إلى الجهاد، و300 إلى الجبهة الشعبية، وحوالى 200 إلى الجبهة الديموقراطية، والباقون ينتمون الى فصائل صغيرة أو مستقلون». وقال إن غالبية من ذوي الأحكام العالية تنتمي إلى «فتح»، مشيراً إلى وجود 513 أسيراً محكوماً بالسجن المؤبد، بينهم 35 أسيراً من «فتح». وأوضح رئيس نادي الأسير قدورة فارس أن الأسرى يطالبون بالحصول على شروط الحياة التي يحصل عليها نظراؤهم الإسرائيليون. وأضاف أن الأسرى يحملون صفة «معتقل أمني»، لكن السلطات الإسرائيلية توفر شروط حياة مختلفة لليهود الذين يحملون مثل هذه الصفة. وأضاف: «مثلاً، قاتل رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين يتحدث هاتفياً إلى عائلته يومياً لمدة ساعتين، بينما لا يمكن لكريم يونس، وهو فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية، فعل ذلك، على رغم أن كليهما، وفق القانون، إسرائيلي». وأكد أن القوى السياسية ونادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى وغيرها من المؤسسات الوطنية ستواصل التظاهر في الشوارع العامة والميادين في الأيام المقبلة حتى توافق السلطات الإسرائيلية على مطالب الأسرى. وأضاف أن الحركة الشعبية المساندة للإضراب ستسهم مساهمة جدية في حسم معركة الأسرى. وأكدت اللجنة الإعلامية للإضراب أن «أسرى من كل الفصائل الفلسطينية يشاركون في هذا الإضراب، من بينهم البرغوثي، والأسيران كريم يونس وماهر يونس، أقدم الأسرى في السجون والمعتقلين منذ عام 1983، وضياء الآغا أحد الأسرى المعتقلين منذ ما قبل توقيع اتفاق أوسلو عام 1993». وأضافت أن مصلحة السجون «بدأت باتخاذ بعض الإجراءات لمواجهة خطوة الأسرى المشروعة، من بينها نقل الأسرى المضربين وقيادات الحركة الأسيرة من سجونهم الى أخرى، ومصادرة ممتلكات الأسرى المضربين وملابسهم والإبقاء على الملابس التي يرتدونها فقط، وتحويل غرف الأسرى إلى زنازين عزل، وإقامة مستشفى ميداني في صحراء النقب لاستقبال الأسرى المضربين ورفض استقبالهم في المستشفيات المدنية الإسرائيلية، وحجب المحطات التلفزيونية المحلية والعربية، علاوة على التهديدات بالعزل والنقل». وفي قطاع غزة، أحيا الفلسطينيون في قطاع غزة يوم الأسير الفلسطيني الذي صادف أمس، بالتضامن مع إضراب «الحرية والكرامة» بتظاهرة حاشدة ووقفات داعمة للأسرى. ونظمت القوى الوطنية والإسلامية تظاهرة حاشدة انطلقت من حديقة الجندي المجهول غرب مدينة في اتجاه مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر غرب المدينة أيضاً. ودعت الفصائل والهيئات التي تُعنى في شؤون الأسرى ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الانسان إلى توحيد الجهود من أجل تحرير الأسرى وإنهاء معاناتهم. كما دعت الشعب الفلسطيني إلى تنظيم حملات تضامن واسعة مع الأسرى داخل فلسطين وخارجها، وخطف مزيد من الجنود الإسرائيليين لعقد صفقات تبادل. وتشير المعلومات المتوافرة من هيئة شؤون الأسرى والمحررين في فلسطين إلى وجود 6500 أسير في السجون الإسرائيلية حالياً، من بينهم 337 أسيراً من القطاع. ومن بين الأسرى 57 امرأة وفتاة، و300 طفل، و28 صحافياً، فيما بلغ عدد الشهداء الذين توفوا أو قتلوا داخل السجون 210 أسرى. ويبلغ عدد الأسرى من منطقة 48 والقدس 663، والأسرى العرب 34 أسيراً. ومن بين الأسرى 41 أمضوا أكثر من 20 عاماً، و21 أمضوا أكثر من ربع قرن، وعشرة أسرى أمضوا أكثر من ثلاثين عاماً، أقدمهم أبناء العم كريم وماهر يونس اللذان أمضيا 34 عاماً في الأسر.