احتشد مئات المسيحيين العراقيين أمس في كنيسة لحقت بها أضرار على يد «داعش»، شمال الموصل للاحتفال بعيد القيامة للمرة الأولى منذ 2014. وقال كرياكوس إشو (75 سنة) الذي جاء بصحبة أبنائه وأحفاده وعددهم 12 إلى كنيسة مار جرجس الكاثوليكية الكلدانية في تل أسقف «إن شاء الله عيد قيامة المسيح سيكون مناسبة لعودة المسيحيين وقيامتهم في العراق»، فيما تواصل القوات العراقية حملتها لاستعادة الموصل، وأعلنت أمس أنها تقدمت 200 متر في عمق المدينة القديمة. ولم تشهد تل أسقف الدمار ذاته الذي شهدته مدن مسيحية أخرى اجتاحها التنظيم قبل ثلاث سنوات في سهل نينوى. وطردت قوات «البيشمركة الإرهابيين من المدينة بعد أسبوع واحد على سقوطها في آب ( أغسطس) 2014. ووقفت هذه القوات لحراسة الكنيسة أمس. وحطم الإرهابيون نوافذ الكنيسة لكن صليباً جديداً وضع الآن في مكان الذي أزالوه. ومرت نسمة على المبنى الأبيض، فيما أنشد الكورال ترانيم بالكلدانية وهي لغة قريبة من الآرامية التي تحدث بها السيد المسيح. وانتهى القداس بتوزيع جماعة «أس أو أس كريتيان دوريون» أي «إنقاذ مسيحيي الشرق»، وهي جماعة فرنسية خيرية، مشروبات وبيض ملون في الساحة الداخلية. واستهدف «داعش» كل من هم ليسوا مسلمين سنة الذين عاشوا تحت سيطرته، وفرض عقوبات قاسية على السنة الذين رفضوا الالتزام بتفسيره المتشدد للشريعة. وحدد التنظيم ثلاثة خيارات لمسيحيي المنطقة وهي: دفع الجزية أو اعتناق الإسلام أو القتل بالسيف، ففر معظمهم إلى كردستان عبر نهر الزاب إلى الشرق. وعادت أكثر من 350 أسرة إلى تل أسقف التي أصبحت أكثر أمناً منذ تشرين الأول (أكتوبر) عندما شنت قوات عراقية وكردية مدعومة من الولاياتالمتحدة هجوماً لطرد الإرهابيين من الموصل واستعادت السيطرة على عشرات القرى والبلدات. لكن كثيرين لا يعتبرون تل أسقف مدينتهم فعلاً إلا أنها مكان يشعرون فيه بالأمان في صحبة أصدقائهم وأقاربهم. وما زالت مادلين روفائيل وهي أرملة تبلغ من العمر 70 سنة تنتظر العودة إلى الموصل التي تبعد نحو 20 كيلومتراً إلى الجنوب. وقالت في تعبير عن امتنانها للاحتفال بعيد القيامة مرة أخرى «الحمد لله الحمد لله» وأضافت: «إن شاء الله سنعود إلى بيوتنا». وبعد ستة أشهر من بدء هجوم الموصل انتقلت الجبهة الأمامية للمعارك إلى داخل المدينة مع تطويق الإرهابيين في أحياء تقع على الضفة الغربية لنهر دجلة. ويقدر أن مئات الآلاف ما زالوا في مناطق من المدينة خاضعة لسيطرتهم، ما يعقد خطط الجيش العراقي والتحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة التي توفر دعماً جوياً وبرياً. وكان منبر جامع النوري في الموصل شهد إعلان زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي «دولة الخلافة» التي تمتد على مناطق واسعة في العراق وسورية قبل ثلاث سنوات. وقال الشماس أوس هرمز، في أشارة إلى دول فيها تجمعات مسيحية كبيرة: «أتمنى السلام للعراق وسورية ولبنان وللعالم أجمع». وقال مسؤولون عسكريون أمس، إن قواتهم شنت هجوماً جديداً على «داعش» في الموصل القديمة، ساعية إلى كسر الجمود في محاولات انتزاع السيطرة على آخر معاقل التنظيم الإرهابي. وسيطر الإرهابيون على الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، عام 2014 لكن القوات الحكومية استعادت معظم أراضيها خلال العملية المستمرة منذ ستة أشهر. ولم تتقدم القوات تقريباً منذ أكثر من شهر ويتحصن مسلحو «داعش» وسط السكان، حيث لا تتمكن الدبابات والمركبات الكبيرة من العمل بسبب ضيق الشوارع. وأفاد بيان بأن قوات الشرطة الاتحادية تقدمت مسافة 200 متر داخل المدينة القديمة مقتربة من مسجد النوري. وهو يمثل قيمة رمزية، فمنه أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي «دولة الخلافة» واقتربت القوات من المسجد حيث أصبح على مرمى بصرها منذ الشهر الماضي. وقال ضابط في الشرطة إن التقدم اليوم (أمس) بدأ في الصباح الباكر وقواتنا تقاتل من منزل إلى منزل. وأضاف أن الإرهابيين يستخدمون الدراجات النارية المفخخة التي أصبحت سلاحهم المفضل الآن، موضحاً أن على القوات مراقبة كل المنازل لتجنب المهاجمين بالدراجات. وطهرت القوات الحكومية المدعومة بمستشارين ومدفعية ودعم جوي أميركي الشطر الشرقي من الموصل ونصف الشطر الغربي وتركز الآن على المدينة القديمة. وقال مسؤولون إن نحو 400 ألف شخص محاصرون، في حين فر أكثر من 300 ألف منذ بدء العمليات.