لندن، واشنطن - أ ف ب، رويترز، يو بي آي - يمثل جوليان اسانج، مؤسس موقع «ويكيليكس» المعتقل في لندن والذي قد يسلم الى السويد، للمرة الثالثة امام القضاء اليوم، للطعن باستئناف ستوكهولم قرار الإفراج عنه. وكان اسانج الاسترالي (39 سنة) المعتقل منذ السابع من الشهر الجاري، بناء على طلب من ستوكهولم بتهمة الاعتداء الجنسي، يأمل بالإفراج المشروط عنه بعد قرار محكمة لندنية ابتدائية الثلثاء إطلاق سراحة بكفالة. لكن في تطور غير مفاجئ طعنت السلطات السويدية بهذا القرار على ان تبت المحكمة العليا في لندن في هذا العطن لاحقاً. وستكون المرة الثالثة التي يمثل فيها اسانج منذ اعتقاله في اقل من اسبوعين. وتساءل محاميه مارك ستيفنز: «هل يجب ان يبقى جوليان اسانج في السجن او ان يسمح له بالخروج وإيداعه قيد الإقامة الجبرية ريثما نعد ملفه؟». واشتكى المحامي من انه لم يتمكن من التواصل بما فيه الكفاية مع موكله، وقال لقناة «سكاي نيوز» الإخبارية: «لم اتمكن من الاتصال به». وانتقد المحامي مجدداً «التنكيل» الذي يتعرض له اسانج، وقال ان «التلميح الى احتمال هربه امر سخيف تماماً». وأكد أن جوليان اسانج «واثق بأنه اذا سلم الى السويد سيسلمونه الى اميركا» في اشارة الى رغبة الولاياتالمتحدة في ملاحقة الاسترالي بعد التسريبات المحرجة التي نشرها موقع «ويكيليكس» وما زالت متواصلة. واذا تم بالنهاية الإفراج عن اسانج فيجب عليه الخضوع الى شروط صارمة مثل ضرورة ان يرتدي سواراً الكترونيا يحدد مكانه باستمرار وأن يقيم في منزل احد انصاره على بعد 200 كلم شمال شرقي لندن، وهو في الواقع منزل من عشر غرف يملكه على ما يبدو ثري من مؤسسي نادي الصحافة. كما سيتعين على اسانج ان يدفع كفالة قدرها 200 الف جنيه نقداً اضافة الى ايداع ضمانتين قيمة كل منهما عشرون الف جنيه اي 240 الف جنيه في المجموع (283 الف يورو). لكن جمع هذا المبلغ سيكون معقداً إثر قرار شركتي «فيزا» و «ماستركارد» الأميركيتين لبطاقات الائتمان وشركة «بايبال» للدفع على الانترنت وقف التحويلات المالية لموقعه. ووعدت شخصيات كثيرة بالمساعدة في دفع الكفالة بمن فيها المخرجان الأميركي مايكل مور والبريطاني كين لوتش، وقال مارك ستيفنز انه تم جمع نصف هذا المبلغ امس. لكن القرار القضائي بتسليم اسانج لن يتخذ قبل اسابيع عدة وربما اشهر، وتحدد 11 كانون الثاني (يناير) المقبل، موعداً لذلك على ما افاد مصدر قضائي. ولن يكون ذلك سوى حكم ابتدائي قد يتعرض لطعون تستغرق «عادة» شهوراً كما اعلن ناطق باسم «اس او سي اي» المكتب المكلف اجراءات التسليم. وبالإمكان رفع طعن امام المحكمة العليا في مهلة سبعة ايام ثم امام محكمة الاستئناف في مهلة شهر ثم طعن أخير امام المحكمة العليا ضمن المهلة نفسها. وعندما تتم كل هذه الطعون سيبقى طعن اخير امام المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان في ستراسبوغ (فرنسا). في غضون ذلك، حجبت القوات الجوية الأميركية عن موظفيها مواقع إعلامية على الإنترنت تحمل وثائق سربها موقع «ويكيليكس» ومن بينها موقعا «نيويورك تايمز» و «ذي غارديان». وقالت الميجر توني تونز الناطق باسم قطاع العمليات الفضائية للقوات الجوية في كولورادو إن القيادة حجبت 25 موقعاً إلكترونياً على الأقل نشرت الوثائق التي سربها موقع «ويكيليكس» عن موظفيها الذين تتصل أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم بشبكة القوات الجوية. وأضافت ان القوات الجوية «تحجب عادة دخول شبكة القوات الجوية على المواقع التي تستضيف مواد غير ملائمة او برامج خبيثة ويشمل هذا اي موقع يستضيف مواد سرية وتلك التي سربها ويكيليكس». وتحاول الحكومة الأميركية الحد من الأضرار الناجمة عن قيام «ويكليكس» بنشر بعض من 250 الف برقية سرية لوزارة الخارجية الأميركية عبر عدد من وسائل الإعلام وعلى موقعها على الإنترنت. وسببت البرقيات التي نشرت الشهر الماضي حرجاً لواشنطن. وقال روبرت كريستي الناطق باسم «نيويورك تايمز» في بيان: «للأسف اختارت القوات الجوية الأميركية منع موظفيها من الاطلاع على معلومات يستطيع اي أحد آخر في العالم الاطلاع عليها». وقال كين دوكتر محلل وسائل الاعلام في مؤسسة «اوتسيل ريسيرتش» عن الخطوة التي اتخذتها القوات الجوية انها «تبدو محاولة هزلية وخرقاء للتعامل مع قضية حقيقية». ومنعت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) موظفيها من الاطلاع على وثائق «ويكيليكس» على الإنترنت لكنها لم تحجب المواقع التي تنشر البرقيات المسربة. وقال الكولونيل ديفيد لابان الناطق باسم البنتاغون إن الوزارة أصدرت تعليمات لموظفيها بعدم «زيارة موقع ويكيليكس لأن المعلومات الموجودة عليه ما زالت تعتبر سرية». وفي احدث تسريبات «ويكيليكس»، افادت برقية ديبلوماسية ان رئيس الوزراء التايلندي السابق ثاكسين شيناوترا اتهم الملك بالتورط في انقلاب 2006 ما اثار جدلاً حاداً في البلاد. كما نقلت برقية أخرى ان رئيس غانا يشعر بالقلق من تهريب المخدرات والفساد في حكومته. ونقل السفير الأميركي في غانا عن الرئيس جون اتا ميلز قوله إن جهود مكافحة المخدرات في مطار اكرا احبطت على ايدي بعض ضباط مكافحة المخدرات انفسهم. كذلك كشفت برقية أن الولاياتالمتحدة أبدت قلقها من أن بريطانيا كانت تكافح لمواجهة التطرف الإسلامي المحلي، وخشيت من عدم قدرتها على مواجهته. ونقلت «غارديان» عن برقية أرسلتها السفارة الأميركية في لندن إلى واشنطن في آب (أغسطس) 2006 ان «الحكومة البريطانية حققت تقدماً ضئيلاً في الانخراط مع الجالية المسلمة في المملكة المتحدة ومعالجة التطرف بعد التفجيرات الإرهابية في لندن في 7 تموز /يوليو». وذكرت البرقية «أن التوتر استمر بسبب اتهام بعض المسلمين البريطانيين السياسة الخارجية البريطانية بالتحريض على التطرف، والغضب الذي انتشر في أوساطهم في شأن قضايا مثل القبض على المشتبه بهم في المؤامرة الفاشلة لتفجير قنبلة في طائرة ركاب عبر الأطلسي، وفشل رئيس الوزراء في ذلك الوقت توني بلير في الدعوة إلى وقف إطلاق النار بعد الهجوم الإسرائيلي على لبنان».