إذا كانت مواصفات المِظلة مهمة بالنسبة الى الناس في كل مكان، لجهة المتانة وقوة تحمّل الرياح والعواصف، فإن مواصفاتها مختلفة بالنسبة الى سكان المخيمات في لبنان، ولا تخطر في بال المصنّعين وتجار الجملة وباعة المفرق (التجزئة)، وأهمها سهولة الفتح والإغلاق في شكلٍ يتناسب مع ضيق الزواريب والأزقة ووسعها، لأن استخدام المظلات العادية يحتاج الى مهارات خاصة واختيار الألوان «الفاقعة» ضروري للتعويض عن الإنارة في تلك الزواريب المظلمة. قد يلجأ بعضهم إلى تفصيل مظلات على القياس من الورق المقوّى (الكرتون)، اذا كان لا يملك ثمنها. ويستخدم الأطفال العلب الفارغة كقبعات تقيهم غزارة الأمطار والشلالات المنهمرة من أسطح المساكن حين يمارسون «حقهم في اللعب» (وهذا من شرعة حقوق الطفل). ويشار إلى أن بعض الزواريب لا تحتاج الى مِظلات من أي نوع، فضيقها كفيل بحجب المياه المتساقطة. وكما في الجو كذلك على الأرض، فالمستنقعات المنتشرة شتاء أمرها «بسيط» يحتاج إلى مشاريع ارتجالية اعتاد عليها أهل المخيمات، كطمرها يومياً بالرمل الذي لا يلبث أن يتحوّل الى وحلٍ يدخل البيوت حين يرتفع منسوب المياه، أو الى وضع جسورٍ خشبية موقتة يحتاج المرور عليها الى لياقةٍ بدنية ومهارات عالية (كبهلوانات السيرْك) تجنباً للسقوط المحتمل في أي خطوة. ويلجأ شبان الى ارتداء أكياس فوق احذيتهم، حتى خروجهم من المخيم، أو الى انتعال حذاءٍ قديم، بينما يحملون الحذاء الجديد حتى بلوغهم «شاطئ» الأمان، حيث يستبدلونه ويمضون الى أعمالهم (حاملين معهم القديم، بالطبع، لتأمين العودة (إلى المخيم). تنتشر ظاهرة وضع الكوفيات بدلاً من الشالات في الشتاء، وقد تدخل «القضية» الى تصميمات المِظلات حين تجد أحدهم يحمل مظلة مخططة بالأبيض والأسود على شكل الكوفية. وهذه رائجة في أوروبا، يستخدمها الفلسطينيون أنفسهم والمتضامنون مع قضيتهم، وبخاصة في المناسبات الوطنية والتحركات الاحتجاجية على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الشعب الفلسطيني، إذا كان الطقس ماطراً. ويأتي بها الشباب المهاجرون عند زيارتهم لبنان، أو يرسلونها هدايا لأهاليهم في فصل الأمطار. وإذا كانت الكثافة السكانية تشكّل دائماً عبئاً على اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، فإنها تُعتبر من وسائل التدفئة الفعّالة في أيام البرد، فكما تتزاحم مساكن اللاجئين جنباً الى جنبٍ على رقعة جغرافية صغيرة، يتزاحم أفراد العائلة في غرفةٍ واحدة وتتحول أنفاسهم مصدراً إضافياً (وأحياناً وحيداً) للتدفئة.