بدا أن القاهرة تعول على تعزيز الترسانة القانونية لمواكبة تطور العمليات الإرهابية. وبالتزامن مع مصادقة البرلمان على قرار إعلان حالة الطوارئ، استنفر النواب لمناقشة تعديلات على القانون، بما يسمح بضبط المشتبه فيهم واحتجازهم، وإعداد قانونيْن أحدهما ل «الجرائم الالكترونية»، والآخر ل «تنظيم الفتوى». وعاد رئيس الحكومة شريف إسماعيل إلى التلميح بدعم دول الجماعات المسلحة، من دون تسميتها، متوعداً ب «عقاب رادع للإرهابيين ومن يؤيدهم». وكان إسماعيل ألقى أمام البرلمان بيان الحكومة لإعلان حالة الطوارئ التي بدأ العمل بها ظهر أمس، مؤكداً أن عقاب مصر «الرادع لجماعات الإرهاب ومن يقف وراءها آتٍ لا محالة»، وأضاف: الجماعات الإرهابية «تظن أنها قادرةٌ على النيل من مصر أو زعزعة استقرار شعبها... الشعب المصري أكد أنه أبي على السقوط، وسيثبت قدرته على الانتصار على هجمة الإرهاب الشرسة، وانتصار إرادة الحياة على أعداء الحياة». ووجه إسماعيل حديثه إلى أسر ضحايا مذبحة الكنيستين، قائلاً: «نحن معكم، وفي كل لحظة نشعر بكم، ونعايش آلامكم، وتلك الدماء التي سالت لن تضيع سدى، لكنها ستظل وقوداً يقوي عزيمتنا لاقتلاع الإرهاب من جذوره»، مشيراً إلى أن إعلان حالة الطوارئ يستهدف «أعداء الوطن»، ورأى أن تلك الأعمال الخسيسة التي تمثل عداءً للإنسانية والوطن، «تستوجب إجراءات استثنائية، كي تتمكن الدولة من توفير الإطار القانوني المناسب، بعزم لا يلين وإصرار لا هوادة فيه». وأضاف: «لقد بات واضحاً للعيان أن مصر تواجه حالياً حملة إرهابية شرسة تستهدف النيل من استقرار الوطن وسفك دماء أبنائنا بلا رادع من نازع ديني أو ضمير»، مشيراً إلى أن جهات عدة «تقف وراء الهجمات الإرهابية الشرسة التي ضربت كنيستي مار جرجس بطنطا ومار مرقس في الإسكندرية... ومليارات الجنيهات ضُخت لمصلحة الجماعات الإرهابية لدعمها بأحدث التقنيات من الاتصالات والأسلحة والمتفجرات»، قبل أن يحيل رئيس البرلمان علي عبدالعال، بيان الحكومة حول مبررات إعلان حالة الطوارئ إلى اللجنة العامة، التي اجتمعت ووافقت بدورها على البيان، قبل أن تعقد الجلسة العامة للبرلمان والتي خلصت إلى التصويت بالغالبية لمصلحة التصديق على إعلان الطوارئ. وبالتزامن، استنفرت اللجان داخل البرلمان لمناقشة حزمة من القوانين لمواجهة العمليات الإرهابية، فأقرت اللجنة التشريعية، تعديلات قدمها تحالف «دعم مصر» (الغالبية النيابية)، على قانون الطوارئ، تسمح للشرطة ب «ضبط كل من توفرت في شأنه دلائل على ارتكاب جناية أو جنحة وتفتيش مسكنه وجميع الأماكن التي يشتبه بإخفائه فيها أي مواد خطرة أو متفجرة أو أسلحة أو ذخائر أو حيازتها أو أي من متحصلات الجريمة أو أي أداة على ارتكابها، ويجوز بعد استئذان النيابة العامة احتجازه مدة لا تتجاوز 7 أيام لاستكمال جمع الاستدلالات»، كما أعطت التعديلات لمحاكم أمن الدولة طوارئ، الحق في «احتجاز من توفرت في شأنه دلائل على خطورته على الأمن العام لمدة شهر قابل للتجديد». وفيما بدأت لجنة «الدفاع والأمن القومي» البرلمانية الإعداد لمشروع قانون آخر ل «مكافحة الجرائم الإلكترونية»، في حضور ممثلين عن وزارتي الداخلية والاتصالات، ناقشت أمس لجنة الشؤون الدينية، مشروع قانون ل «تنظيم الفتوى»، وتعديلات على قانون «دار الإفتاء المصرية»، في حضور مفتي مصر شوقي علام وسلفه علي جمعة، بالإضافة إلى وزير الأوقاف، وأوضح رئيس اللجنة النائب أسامة العبد، خلال الاجتماع: «مشروع القانون يعطي دار الإفتاء مكانتها وقيمتها المطلوبة، ويقتل التطرف وكل ذلك في إطار تجديد الخطاب الديني»، مشيراً إلى أن القانون المقترح «يحدد ضوابط للفتوى، ويحمي الفتوى من الماجنين وغير المختصين». وأيد مفتي مصر الدكتور شوقي علام «تنظيم الفتوى»، منبهاً إلى خطورة الفتاوى العشوائية التي «لا تقف عند إصدارها وإنما تمتد آثارها إلى المجتمع». وأعلن رئيس لجنة التعليم في البرلمان جمال شيحة، أنه يتم الإعداد لمؤتمر يشارك فيه وزراء: الأوقاف مختار جمعة والثقافة حلمي النمنم، بالإضافة إلى رئيس اللجنة الدينية النائب أسامة العبد، للإعلان عن «تطوير فكر الإنسان المصري من أجل مواجهة الإرهاب وإعادة القيم الصحيحة لمواجهة التطرف والعنف»، مشيراً إلى أن المواجهة الفكرية «هي الحل إذا ما أردنا أن ننتصر في معركتنا ضد الإرهاب». وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي تلقى أول من أمس اتصالين هاتفيين من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات الشيخ محمد بن زايد، لتقديم العزاء في ضحايا الكنيستين، وأكد العاهل البحريني أن هذه الأعمال الإجرامية «تتنافى مع كل الشرائع السماوية والقيم الإنسانية»، مشدداً على وقوف البحرين إلى جانب مصر وتأييدها لكل الإجراءات التي تتخذها لمواجهة هذه الأعمال الإرهابية الهادفة إلى زعزعة أمنها واستقرارها. وبالمثل، أكد ولي عهد أبو ظبي في الاتصال الهاتفي تضامن الإمارات مع مصر، ووقوفها إلى جانبها في مواجهة هذا العمل الإجرامي، مشيراً إلى ثقته في قدرة الشعب المصري على التمسك بوحدته الوطنية وهزيمة الإرهاب. فيما أكد السيسي تكاتف جميع المصريين ووقوفهم صفاً واحداً ضد الإرهاب ومخططاته التي لا تستهدف النيل من مصر فقط، بل من الأمة العربية بأسرها. كما نقل وزير الزراعة الألماني كريستيان شميدت، خلال اجتماعه بالسيسي أمس في قصر الاتحادية الرئاسي، تعازي المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في ضحايا الحادثين الإرهابيين، وأكد تضامنها الكامل مع مصر في مواجهة الإرهاب.