قررت أمانة الأحساء فتح منطقة مهرجان (الفريج التراثي) أيام العطلة الأسبوعية، ليصبح الموقع مكاناً لتجمع الحرف اليدوية بشكل دائم، إلى حين الانتهاء من مشروع سوق الفاضلية المخصصة للحرف اليدوية. وتأتي هذه الخطوة انطلاقاً من مسؤولية الأمانة في المحافظة على الموروث التراثي المندرجة ضمن أهداف الأمانة الرامية إلى استدامة القيم التراثية في الأحساء. وبيّن أمين الأحساء المشرف العام على مهرجان الأحساء المهندس عادل الملحم، أن المهرجان استطاع أن يوثّق عمق تاريخ التراث الممتد عبر مئات السنين في الأحساء، لما تحمله من مخزون في الحرف اليدوية والفنون الشعبية. وفي إحدى زوايا دكاكين الفريج التراثي وسط الجمهور، تجلس مريم طامي الهزاع، البالغة من العمر أربعين عاماً، لتمارس حرفة صناعة (الطواقي) التي تعلمتها منذ الصغر، ولا تزال تحافظ عليها لتصبح اليوم مصدر دخلها. وتقول مريم: «تتوارث النساء في الأحساء صناعة الطواقي منذ القدم، حتى أن نساءها يُعتبرن الأشهَر بين قرى الأحساء في هذه المهنة، إذ كانت هؤلاء النسوة يحملن ما يصنعنه من الطواقي، ويتوجهن إلى سوق القيصرية الشعبية، لبيعها للمتسوقين هناك، الذين يفدون من داخل الأحساء وخارجها، ومن بعض دول الخليج». وأشارت إلى أنه على رغم دخول الآلات في صناعة الطواقي، إلا أن المنتجة يدوياً لا زالت تنافس بقوة في محال بيع الطواقي في الأسواق، فالطواقي الأحسائية، التي تشتهر بنقوشها الذهبية وحوافها الناصعة البياض، ما زالت تجد إقبالاً من كل الأعمار، لافتة إلى أنه مع التطور التقني أصبحت هذه الطواقي تصنع بالآلات والخيوط المستوردة من النايلون والصوف والقطن. وتعد الطواقي اليدوية من أجود وأغلى الأنواع، وتتفوق على التي تعد بالمكائن الحديثة، نظراً إلى ما تتميز به من دقة في الصنع وجودة في الخيوط، وهناك من الطواقي ما تجد رواجاً لدى الشبان، فبعضهم يلبسها من دون شماغ، وهناك من يفضل لبس الطواقي العادية من دون زخرفة، مثل كبار السن. كما يقف السبعيني عباس القريني وهو يزاول مهنة الصفّار، التي تعد من المهن القديمة التي عرفت في الكتب والمعاجم العربية القديمة، قائلاً: «حرفة الصفار مرتبطة بصناعة أواني الطبخ والأدوات المهمة الأخرى». وزاد: «عرفت مهنة طلي النحاس بالرصاص عند العامة بمهنة التصفير. كما أن بعض الصفافير تخصصوا في صناعة أدوات نحاسية معينة، بينما اشتهر بعض الصفافير بصناعة الدلال، التي تحولت لاحقاً إلى مهنة قائمة بذاتها، وتعتبر صناعة دلال القهوة من الصناعات القديمة التي عرفتها الأحساء قديماً، إلا أن الدلال في السابق كانت تصنع من الفخار، ومازالت بعض هذه الدلال الفخارية تستعمل حتى يومنا هذا وتعرف باسم الجَبَنة، فصانع الدلال يعرف بالصفار، ولم يعط مسمىً آخر».