صعدت أسعار النفط أمس متجهة صوب مكاسب بنسبة ثلاثة في المئة على مدار الأسبوع، بعد تعافيها من خسائر نتجت عن زيادة مخزونات الخام الأميركية إلى مستوى قياسي مرتفع. وزاد خام «برنت» في العقود الآجلة ستة سنتات عن الإغلاق السابق، ليصل إلى 54.42 دولار للبرميل. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط في العقود الآجلة سنتاً واحداً إلى 51.16 دولار للبرميل. وأعلنت إدارة الطاقة الأميركية في وقت متأخر أول من أمس، زيادة 1.57 مليون برميل في مخزونات الخام، لتصل إلى 535.5 مليون برمي، بعد ارتفاع الإنتاج النفطي إلى 9.2 مليون برميل يومياً. وبسبب هذه التخمة زادت صادرات الخام الأميركية إلى مستوى قياسي عند 1.1 مليون برميل يومياً. وبعيداً من ارتفاع الإنتاج الأميركي وتخمة الأسواق، قالت مصادر في قطاعي الشحن البحري والنفط، إن إيران باعت آخر مخزوناتها العائمة ومعظم النفط المخزن من المكثفات في الأسبوعين الماضيين، وإنها تجد صعوبة في الحفاظ على نمو الصادرات في الوقت الذي تواجه فيه قيوداً على الإنتاج. وقال ريتشارد مالينسون المحلل لدى «إنرجي أسبكتس» إن «المخزون العائم كان السبب الرئيس في زيادة الصادرات»، مضيفاً أن مع انتهاء المخزون العائم في الوقت الحالي فمن المرجح أن ينخفض إجمالي صادرات الخام والمكثفات». وتابع: «نتوقع مساراً صعباً للغاية لإيران كي تزيد إنتاج النفط الخام، إلى أن تستطيع جلب الخبرة الغربية والاستثمارات مجدداً إلى أنشطة المنبع، وهو ما يتسم بالبطء في شكل ملحوظ». ولا تقتصر المشاكل الإيرانية على بطء الإنتاج، خصوصاً مع «تهديد» الهند بخفض وارداتها النفطية في 2017- 2018 بمقدار الخُمس في مسعى للضغط على طهران لترسية عقد تطوير «فرزاد ب» للغاز على «كونسورتيوم هندي». وهوّن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أول من أمس من القرار، معتبراً أنه «مجرد تهديد». ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن زنغنه قوله إن «الهند أحد زبائننا الجيّدين، لكن لا يمكننا توقيع عقد تحت تهديد. لن يسبب خفض واردات الهند النفطية من إيران أي متاعب لنا، فلدينا مشترون آخرون». وأضاف: «على رغم تمديد الموعد النهائي، فإن الهند لم تقدم مقترحاً مجزياً»، متابعاً: «أرسلنا خطاباً إليهم وأبلغناهم بأننا نرغب في مواصلة المفاوضات، لكن ليس تحت تهديدات». والهند، وهي أكبر مشترٍ للنفط الإيراني بعد الصين، كانت من بين دول قليلة استمرت في التعامل مع طهران رغم العقوبات الغربية بسبب برنامجها النووي. وقال وزير النفط الهندي درامندرا برادان خلال مناسبة في نيودلهي، إنه يجرى محادثات مع شركة «أرامكو السعودية» في شأن مصفاة هندية كبيرة. وفي الشأن الصيني، أكدت «مؤسسة البترول الوطنية الصينية» (سي أن بي سي) أمس، إنها شحنت أولى شحناتها البالغة مليون برميل من النفط الخام من امتياز حقل نفط في أبوظبي. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «يوروناف» للناقلات بادي روجرز، إن «الضبابية بخصوص موقف الولاياتالمتحدة من فرض عقوبات إضافية يُلقى بظلال هائلة على تجارة النفط مع إيران». فضلاً عن ذلك تلقى جهود وزير النفط لإبرام اتفاقات مع شركات غربية معارضة داخلية في إيران التي تملك رابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم. وقال مهدي وردي الاستشاري المستقل والمسؤول السابق لدى شركة النفط الوطنية الإيرانية، إن «إيران تحتاج إلى بلايين الدولارات من الاستثمار لتعزيز إنتاج النفط الخام وطاقة إنتاج الغاز الطبيعي»، مضيفاً أن «معظم الحقول مكتشفة قبل عشرات السنين وهي متجاوزة لطاقتها الإنتاجية بكثير». وفي السياق الإيراني أيضاً، أشارت «بي بي» في تقريرها السنوي لعام 2016، إلى أنها اشترت شحنة مكثفات من شركة النفط الوطنية الإيرانية العام الماضي، إثر رفع العقوبات الدولية عن طهران في كانون الثاني (يناير). وكان تحميل شحنة «بي بي» من المكثفات في إيران يوم 23 كانون الأول (ديسمبر)، والتسليم في مصفاة الشركة في روتردام يوم 15 كانون الثاني 2017. واعتبرت الشركة في التقرير أنها «تنوي مواصلة استكشاف الفرص التجارية مع شركة النفط الوطنية الإيرانية». وعلى رغم من المعاناة الإيرانية في الأسواق النفطية، إلا أن الأسواق مرشحة لمزيد من الضغوط إثر اتجاه ليبيا إلى زيادة معدلات الإنتاج اليومي، ما يزيد من المعروض وبالتالي يهدد الأسعار. وقال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا مصطفى صنع الله أمس، إن حقل الشرارة الذي أعيد فتحه الأحد بعد توقف لأسبوع بسبب غلق خط أنابيب، قد يساعد في رفع إنتاج البلاد من 693 ألف برميل يومياً إلى 800 ألف برميل يومياً بنهاية نيسان (أبريل)، ثم إلى 1.1 مليون برميل يومياً بحلول آب (أغسطس) إذا سمحت أوضاع الأمن والموازنة. إلى ذلك، قال وزير البترول المصري طارق الملا أمس، إن بلاده ما زالت مستمرة في المفاوضات مع العراق لاستيراد مليوني برميل من النفط الخام شهرياً، على أن يجري توقيع الاتفاق قريباً. وأكد سفير العراق في مصر حبيب الصدر من جهته لوكالة «رويتزر» إن وفداً من وزارة البترول المصرية سيزور العراق «قريباً» لتوقيع عقد استيراد مليون برميل من النفط الخام شهريا ولمدة سنة. وقال الصدر إن «الملا أكد لي أن بلاده ماضية قدماً في اتفاقها مع العراق بشأن تزويدها بمليون برميل من النفط شهرياً قابلة للزيادة ولمدة سنة، وبشروط سداد ميسرة»، مضيفاً أن «حكومتي جاهزة ومستعدة في شكل كامل لتنفيذ الاتفاق، وأنهت من جانبها كل الترتيبات والإجراءات اللازمة». وأضاف: «الوزير وعدني أن هناك وفداً مصريا سيزور العراق قريباً لتوقيع العقد مع شركة تسويق النفط العراقية (سومو). أتوقع أن قريباً تعني خلال أسبوع إلى عشرة أيام».