تحمل البيئة الدافئة التي يوفرها حمام «السونا» (وهي حجرة حارة تنضح ببخار الماء) منافع صحية جمة. صحيح أن السونا كلمة فنلندية دخلت كل لغات العالم، وأصبحت حمامات السونا جزءاً أصيلاً من التقاليد الفنلندية الى درجة المباهاة بها. لكن السونا ليست اختراعاً فنلندياً بحتاً، بل إن تاريخها يعود الى أبعد من ستة آلاف سنة. وهناك معطيات تفيد بأنها عرفت في القرون الوسطى وأن الرومان استعملوها كوسيلة للنظافة الشخصية، وانتشرت على نطاق واسع في بلدان بحر البلطيق في القرن التاسع عشر. اذا كنت من رواد حمامات السونا فإننا نشد على يدك في المثابرة على هذه العادة الجيدة التي أكدت البحوث أنها لا تساعد فقط على الاسترخاء وتهدئة الأعصاب ودب النشاط في الجسم، بل تنفع الدماغ أيضاً. ولعل الاسترخاء الذي تولده حمامات السونا هو الذي يزيد شغف الناس بها والإقبال عليها نتيجة الضغوط الحياتية. وهناك دراسات تشير الى أن جلسة السونا على الطريقة الفنلندية تحرّض على ضخ هرمون الأندورفين الذي يخفف من الأوجاع ويبعث على الانشراح ويثير مشاعر السعادة. ويساهم العرق المتصبب من الجسم في حمام السونا في التخلص من الميكروبات العالقة فيغدو الجسم نظيفاً بدرجة لا يمكن اكتسابها بواسطة الحمام العادي. كما أن طرح العرق يساعد على التخلص من المواد الضارة التي تتجول في الدورة الدموية ما يجعل الجسم نظيفاً من الخارج والداخل. وتوصلت دراسة فنلندية إلى ارتياد حمامات السونا بانتظام يمكن أن يحد من احتمالات الإصابة بأمراض الذاكرة ومن الوفاة بالأمراض القلبية الوعائية. تناولت الدراسة أكثر من 2300 رجل فنلندي في منتصف العمر لمدة 20 سنة، وبعد قراءة النتائج وجد الباحثون أن الرجال الذين يترددون على حمامات السونا بين أربع وسبع مرات في الأسبوع هم أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 66 في المئة، وأقل احتمالاً للإصابة بداء ألزهايمر بنسبة 65 في المئة بالمقارنة مع الذين يرتادون السونا مرة واحدة فقط أسبوعياً. وفي تعليقه على النتائج التي أسفرت عنها الدراسة قال الدكتور ياؤي لوكانين كبير الباحثين واستاذ الطب السريري في جامعة ايستيرن فينلاند: «أخذنا في الاعتبار العوامل الأخرى، مثل نمط الحياة والنشاط البدني والعوامل الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، فوجدنا أن هناك تأثيراً مستقلاً للسونا على النتائج». إن حمام سونا لمدة 20 الى 30 دقيقة، وفي درجة حرارة تراوح بين 70 و90 درجة مئوية يحمل لصاحبه فوائد عدة، أهمها: - يخلّص الجلد من الجراثيم الملتصقة به، خصوصاً اذا تجاوزت درجة حمام البخار 82 درجة مئوية، فليس هناك جرثومة تستطيع العيش في جو تتجاوز حرارته تلك الدرجة. - يساعد على استرخاء العضلات ويخفف من وطأة الآلام العضلية والمفصلية. - يساهم في خفض الوزن، فثلاثون دقيقة كفيلة بحرق أكثر من 500 سعرة حرارية. - يشجع على النوم لدى الذين يشكون من الأرق والقلق بسبب الضغوطات الحياتية اليومية. - ينشّط الدورة الدموية ويقضي على الخلايا الميتة في الجلد، ما يعزّز تواجد مادة الكولاجين التي تضفي النضارة والحيوية على البشرة. كما يفيد الحمام في التخلص من الهالات الزرق تحت العينين. - يقوّي الجهاز المناعي من خلال طرح المزيد من مضادات الاجسام تحت تأثير هرمون الأندورفين الذي يطرحه الدماغ بفعل حمام السونا. - يحرّض على إفراز مادة أنترفيرون التي تملك خصائص رائعة ضد الفيروس وضد السرطان. - تولّد حرارة حمام السونا حمى وهمية تشجع الجسم على انتاج المزيد من كريات الدم البيض ومضادات الأجسام التي تعمل على مواجهة الأمراض. - البخار المتصاعد في حمام السونا يساعد على إزالة الاحتقان من الجيوب الأنفية والطرق التنفسية العلوية. - يحرّض على طرح المزيد من العرق الذي يجرف معه كمية لا بأس بها من السموم والمخلفات الكيماوية. - يخفف من آلام حرق الشمس، لأن حرارة الحمام تعزز من ورود الدم الى منطقة الحرق وهذا بالتالي ما يخفف من الآلام ويعجل من وتيرة الشفاء. - يحسّن نشاط الدورة الدموية ما ينعكس إيجاباً على ضغط الدم وعلى الصحة القلبية الوعائية. - يعين النساء على التخلص من آلام وتشنجات الدورة الشهرية، فقد ثبت أن الذهاب الى بيئة دافئة مثل حمام السونا بصورة متكررة خلال فترة الحيض يساهم كثيراً في الحد من متاعب الدورة الشهرية ويقلل من الاستعانة بالمسكنات التي لا تخلو من الآثار الجانبية. - يبطئ من عملية الشيخوخة ويطيل العمر. - يحمي القلب، فقد أثبتت دراسة فنلندية أن ثلاث جلسات من حمام السونا في الأسبوع تقلل من خطر الموت بالأمراض القلبية بنسبة 22 في المئة. مرحباً بك في ربوع حمامات السونا، لكن لا تنسى أن هناك محاذير لا بد من أخذها في الاعتبار وإلا وقعت في مطبات لا حاجة لك بها، ومن هذه المحاذير عدم الدخول الى هذه الحمامات بعد تناول الطعام مباشرة، وعدم البقاء فيها لأكثر من 20 دقيقة، ولا يجوز لمرضى القلب والأزمات الدماغية والحوامل استعمالها، ولا يجوز الدخول الى حمامات ذات درجات حرارة مرتفعة جداً تفادياً للحروق. أخيراً، إذا كنت ترغب في الدردشة أو في التشاور في أمر ما أو تريد أن تتخذ قراراً مهماً في حياتك، فحبذا، إن كان ذلك في المستطاع، أن تتوجه صوب حمام السونا لتناول أطراف الحديث، فهذا أفضل ألف مرة من الجلوس في المقاهي التي تعبق بدخان السجائر والشيشة الذي يضر بالقلب والعقل أيضاً.