رفض حزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائري (معارضة تقليدية) عرضاً من رئيس الحكومة المكلّف عبدالمالك سلال بتولي حقيبتين وزاريتين، معللاً ذلك بأن الأولوية بالنسبة له هي «الذهاب إلى ندوة إجماع وطني»، وذلك قبل ساعات من إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة لمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بولاية رابعة. وتُعدّ تلك المرة الأولى منذ أعوام التي تُعرض فيها على هذا الحزب المعارض، حقائب وزارية من جانب فريق بوتفليقة الذي لطالما طبع التوتر علاقته بالجبهة الاشتراكية طيلة سنوات حكمه ال15. وأعلن عضو الهيئة الخماسية ل «جبهة القوى الاشتراكية» علي العسكري أمس، لمناسبة انعقاد الدورة العادية للمجلس الوطني للحزب، رفض عرض سلال، مشيراً إلى أنه أبلغ الأخير أن «الأمر العاجل هو الذهاب إلى ندوة إجماع وطني لإحداث تغيير سلمي في الجزائر، وإعادة بناء المؤسسات وإرساء الديموقراطية من خلال إشراك جميع الأطياف السياسية والسلطة والمنظمات والجمعيات». وأضاف العسكري أن «الانتخابات الرئاسية وما تمخض عنها من نتائج سلبية أثبتت مرة أخرى نجاعة مواقف الأفافاس وصوابها (جبهة القوى الاشتراكية) تجاه أهمية الذهاب إلى ندوة إجماع وطني»، موضحاً أن «هذا الأمر ضروري ومهم لاستدراك فرص التغيير التي ضيعتها الجزائر في مناسبات عدة، لا سيما في عام 1988». وتكشف خطوة بوتفليقة انفتاحه على معظم الأحزاب، حتى تلك التي تُعدّ من أشد معارضيه، رغبةً منه في توسيع قاعدة الحكم، فالقوى الاشتراكية مصطدمة مع النظام منذ نشأتها السرية في عام 1963. ويمكن بالتالي من خلال هذا التوجه، توقع أن تخرج الحكومة المقبلة عن المألوف، حيث جرت العادة أن يستأثر حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم بغالبية الحقائب برفقة «التجمع الوطني الديموقراطي» على أن تؤول الحقائب السيادية إلى شخصيات من محيط الرئيس التي هي محل ثقته، لا سيما حقائب الخارجية والعدل والداخلية والمالية. وتسربت أنباء عن استدعاء الرئيس الجزائري، مجلس وزراء الجديد للاجتماع في الساعات المقبلة، ما يعني استعداد الرئاسة لإعلان التشكيلة الحكومية الجديدة، إلا أن احتمال التأجيل يبقى وارداً أيضاً، إذ يسعى سلال إلى تشكيل حكومة موسعة تجسد التوافق، من دون أن يلقى تجاوباً من الأحزاب المعارِضة التي اتصل بها. وعلمت «الحياة» أن مشاورات تُجرى منذ أيام مع زعيمة حزب العمال لويزة حنون لإشراك حزبها في الحكومة الجديدة. وكان الرد الأولي لحنون التي حلت رابعة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة أنها «لن تشارك في حكومة ما لم يملك حزبها الغالبية البرلمانية»، لكن السلطة أعادت فتح النقاش معها على أمل إقناعها. إلى ذلك، يُتوقع الإبقاء على رمطان لعمامرة وزيراً للخارجية، وتُرجَّح على نطاق واسع إمكانية التحاق القيادي في «جبهة التحرير الوطني» محمد جميعي بالفريق الحكومي، وزيراً مكلفاً العلاقات مع البرلمان، كما يتوقع انضمام المرشح الرئاسي عبدالعزيز بلعيد الذي حل ثالثاً في الانتخابات الأخيرة، إلى الحكومة العتيدة.