وسط أصوات الضجيج والموسيقى الصاخبة كان يتنقل طلاب جامعة بغداد وهم يرتدون ملابس تنكرية متنوعة تمزج بين الرعب والدماء والشخصيات التاريخية، فيما فضل بعضهم ارتداء ملابس الجيش والشرطة وأمسكوا بالهراوات وهم يلوحون بها يميناً ويساراً قبل أن يتأبطوها. تشكيلة غير متناسقة من الأزياء التنكرية المختلفة انتشرت في الجامعة أثناء الاحتفال بالتخرج. وألوان تدرجت في شكل غير تقليدي فيما غاب عامل التوحيد بين تلك الأزياء وارتدى كل شاب وشابة الثياب التي اختارها من محال الأزياء التنكرية التي انتشرت في شكل كبير في بغداد في السنوات الماضية. الطلاب الراغبون في الرقص، لا سيما من الفتيات، ويخجلون من فعله أمام زملائهم ارتدوا ملابس لا يستطيع أقرانهم تمييزهم من خلالها، مثل ملابس مصاصي الدماء والغوريلا وبعض الأزياء التي قلدوا فيها الشخصيات المعروفة في أفلام الرعب، ما أتاح لهم الرقص على أنغام الموسيقى وسط الجموع من دون الشعور بالحرج لأن الآخرين لم يتعرفوا إليهم بسهولة. كليوباترا وتوت عنخ آمون وشخصيات تاريخية أخرى ظهرت أيضاً في الحرم الجامعي، لكن الفرق بين الشخصيات الحقيقية ومقلديها من الخريجين أن الأخيرين كانوا يرتدون زياً فرعونياً، ويرقصون على نغمات موسيقى شعبية عراقية وليس على عزف فرعوني. التنكر بزي جثة مقطوعة الرأس أمر شائع بين الطلاب في العامين الماضيين وكان له نصيبه أيضاً هذا العام بين الطلاب الذين يقلدون تنظيم «داعش» مثلما يقلدون القوات الأمنية التي تحاربه. وتبدو التشكيلة التنكرية التي اختارها الطلاب متناقضة الشخصيات، ليس على المستوى التاريخي فحسب، بل في طبيعة العلاقة بينها أيضاً. الطلاب المحتفلون حرصوا على الحصول على مساحة كافية للاحتفال بيوم تخرجهم، وزينوا مداخل كلياتهم وأروقتها بالبالونات والشرائط، كما أخذوا مساحات واسعة للرقص على الموسيقى، وكي لا يتسبب الأمر في إزعاج بقية الطلاب حددت كل كلية يوماً خاصاً للاحتفال واستحصلت على موافقة الجامعة عليه واختار بعضها يوم السبت باعتباره عطلة رسمية للتمتع بيوم طويل نسبياً، قياساً بزملاء لهم خاضوا جولات مفاوضات طويلة مع أساتذتهم لتأجيل الامتحانات والانخراط في الاحتفال في اليوم ذاته. وعلى رغم أن المحتفلين هم من المراحل المنتهية، لكن زملاءهم من المراحل غير المنتهية وجدوا الفرصة أيضاً لالتقاط الصور بين جموع الطلاب المتنكرين، لا سيما طلاب السنة الأولى الذين كانوا يلتقطون «سلفي»، إلى جانب من يستعدون لمغادرة أجواء الجامعة. أجواء الاحتفال كانت شبيهة بالكرنفالات التي تجرى في الربيع وبعض الطلاب خرجوا إلى الشارع بالأزياء التنكرية في زفات أعقبت الاحتفال في الكليات، فيما بدأ بعضهم صباحهم بمسيرات السيارات وهم يرتدون الزي التنكري ويطلقون الزغاريد ثم توجهوا بعدها للرقص والاحتفال الجماعي داخل الجامعة. كافيتريات الجامعة التي كانت تكتظ بالطلاب في شكل يومي ويتسابق الكثيرون لحجز أمكنة فيها كانت فارغة في ذلك اليوم، إذ إن حفلات التخرج غادرت الأماكن المغلقة نحو المفتوحة في الحدائق والممرات. حال الفرح التي كانت تعم المكان أضفت نوعاً من المرح على الحفلة التي جمعت الأصدقاء والغرباء معاً، والتقط الطلاب من كل كلية مئات الصور الجماعية و «السلفي» بأزياء تنكرية بعضها جميل والبعض الآخر كان يثير اشمئزاز من يشاهده.