استنفر قضاة مصر في مواجهة تعديلات على قانون «السلطة القضائية» التي مررها البرلمان، من حيث المبدأ، مساء الاثنين الماضي، وتعطي الحق لرئيس الجمهورية في تعيين رؤساء الهيئات القضائية من بين ثلاثة مرشحين بدلاً من اعتماد مبدأ الأقدمية، وسط تمدد جبهة المعارضين للتعديلات داخل أروقة البرلمان بانضمام «حزب الوفد» الليبرالي، ما يفتح الباب أمام عدم اكتمال النصاب القانوني لتمرير التعديلات المثيرة للجدل. وكانت الهيئات القضائية عقدت سلسلة من الاجتماعات للبحث في آلية مواجهة تمرير تعديلات قانون السلطة القضائية التي كانت الغالبية النيابية صوتت مساء الاثنين الماضي ب «الموافقة عليها من حيث المبدأ... وإحالتها على مجلس الدولة لمراجعتها»، وتعطي حق تعيين رؤساء الهيئات القضائية لرئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نوابه ترشحهم مجالس تلك الهيئات من بين أقدم 7 نواب لرئيس الهيئة. وعقد نادي قضاة مصر أمس اجتماعاً بحضور رؤساء أندية قضاة الأقاليم (22 رئيساً)، لبحث الرد على تعديل البرلمان قانون السلطة القضائية وتغيير طريقة اختيار رئيس محكمة النقض. وكان المجلس الخاص للشؤون الإدارية في مجلس الدولة، عقد اجتماعاً دعا في ختامه لعقد جمعية عمومية طارئة لمستشاري مجلس الدولة الاثنين المقبل لمناقشة التعديلات القانونية. وانضم أمس «حزب الوفد» إلى الجبهة المعارضة للتعديلات داخل البرلمان، وشدد «الوفد» (ثالث كتلة حزبية داخل البرلمان)، عقب اجتماع لقادته على أنه «لا يجب للبرلمان أن يرسخ تدخلاً من السلطة التنفيذية على أعمال السلطة القضائية»، ويفتح هذا الموقف الباب أمام رفض البرلمان تمرير التعديلات التي تحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء البرلمان. وأكد الناطق باسم «الوفد» محمد فؤاد، في بيان أعقب الاجتماع، أن حزبه «رفض بشكل تام تعديل قانون السلطة القضائية، ولا يجب للبرلمان أن يرسخ تدخلاً من السلطة التنفيذية على أعمال السلطة القضائية، وأنه يتعين العدول عن هذا التعديل»، مشدداً على ضرورة «استقلال جميع سلطات الدولة ومن بينها السلطة القضائية»، مشيراً إلى أن هناك رفضاً عارماً من الهيئات القضائية لتعديلات القانون، ورأى أن «اقتصار التعديلات على مادة بعينها من القانون أمر غير مفهوم»، وحذر «الجميع من وقوع صدام بين السلطتين التشريعية والقضائية بسبب تعديل هذا القانون حيث أن الأقدمية هي من المبادئ الراسخة في القضاء وتعديلها يعد تدخلاً غير مبرر في أعمال السلطة القضائية». من جانبها فتحت اللجنة التشريعية في البرلمان المصري الباب أمام إجراء تعديلات على مشروع القانون تستجيب لمطالب القضاة، أو رفض التعديلات في التصويت النهائي، وبينما دافع رئيس اللجنة النائب بهاء أبو شقة في بيان أصدره أمس، عن «ما يباشره البرلمان من سلطة التشريع وهو التزام باختصاص أصيل أوجبه الدستور لمجلس النواب بغير تعقيب أو منازعة له من أي سلطة أخرى في الدولة بما لا يتصور معه أن تكون تلك الممارسات محل جدل أو مناقشة أو يتصور أن تكون عدواناً أو تغولاً على سلطات الدولة الأخرى»، بعدما كان كرر تأكيد البرلمان ب «شكل مطلق احترامه الكامل والتزامه التام بمبدأ الفصل بين السلطات الذي كرسه الدستور، وعدم تدخل سلطة باختصاصات أو صلاحيات حددها الدستور لسلطة أخرى»، مشيراً إلى أنه ب «القدر الذي يلتزم فيه بذلك في مواجهة سلطات الدولة الأخرى فإنه بذات القدر يمارس اختصاصاته وصلاحياته الدستورية من دون أن ينازعه في ذلك أو تحول بينه أي سلطة أخرى». وأكد احترامه الكامل للسلطة القضائية والمحافظة على استقلالها، وعلى أن يباشر القضاة عملهم بغير سلطان عليهم سوى القانون وضمائرهم مع تشديد المجلس بالذود دوماً عن هذا الاستقلال وتدعيمه وترسيخه من خلال الأدوات والوسائل التي كفلها الدستور لمجلس النواب. وفتح البيان الباب أمام الاستجابة إلى تحفظات القضاء، عندما شدد على أن البرلمان «يلتزم بالضوابط التي حددها الدستور من دون أن يتجاوزها، وهو في هذا الشأن لا يوصد بابه في مواجهة أي اقتراحات لتكون تحت بصر البرلمان وهو يباشر سلطة التشريع بلوغاً إلى تحقيق المصلحة العامة المرجوة من سن أي قانون»، قبل أن يؤكد في الوقت نفسه «أنه يلتزم بما أوجبته المادة رقم 121 من الدستور على أن القوانين المكملة والقوانين المتعلقة بالسلطة القضائية والحقوق والحريات تصدر بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان».